Pages

Tuesday, September 9, 2014

زكاة الفطر (Zakat Fitri)

(فصل):
وتجب زكاة الفطر بثلاثة أشياء: الإسلام، وغروب الشمس من آخر يوم من رمضان
_____________________________________________________ 

يقال لها زكاة الفطر لأنها تجب بالفطر، ويقال لها زكاة الفطرة أي الخلقة يعني زكاة البدن لأنها تزكي النفس أي تطهرها وتنمي عملها
ثم الأصل في وجوبها: 
  • ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: »فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين«
  • وادعى ابن المنذر أن الإجماع منعقد على وجوبها،

ثم شرط وجوبها: الإسلام 
لقوله عليه الصلاة والسلام »من المسلمين« وادعى الماوردي الإجماع على ذلك، فلا فطرة على كافر عن نفسه
وهل تجب عليه إذا ملك عبداً مسلماً؟ فيه خلاف يأتي عند قول الشيخ "وعمن تلزمه نفقته من المسلمين"، وبالجملة فالأصح أنها تجب عليه لأجل عبده المسلم،

وفي وقت وجوبها أقوال:
[الأول:] أظهرها ونص عليه الشافعي في الجديد: أنها تجب بغروب الشمس لأنها مضافة إلى الفطر كما مر في لفظ الحديث،
والثاني: أنها تجب بطلوع الفجر يوم العيد لأنها قربة تتعلق بالعيد فلا تتقدم عليه كالأضحية،
والثالث: تتعلق بالأمرين،
فلو ملك عبداً بعد غروب فلا تجب على المشتري على القول الأظهر وكذا لو ولد بعد الغروب أو تزوج فلا فطرة عليه لعدم إدراك وقت الوجوب والله أعلم.

_____________________________________________________ 
قال:
ووجود الفضل عن قوته وقوت عياله في ذلك اليوم، ويزكي عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من المسلمين
______________________________________________________
هذا هو السبب الثالث لوجوب زكاة الفظر وهو اليسار، فالمعسر لا زكاة عليه قال ابن المنذر: بالإجماع،
ولا بد من معرفة المعسر: وهو كل من لم يفضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته آدمياً كان أو غيره ليلة العيد ويومه ما يخرجه في الفطرة فهو معسر،

[مسألة] وهل يشترط كون الصاع المخرج فاضلاً عن مسكنه وخادمه الذي يحتاج إليه للخدمة؟ فيه وجهان:
  • في الروضة بلا ترجيح،
  • ورجح الرافعي في المحرر والشرح الصغير: أنه يشترط ذلك، وكذا صححه النووي في المنهاج، وشرح المهذب

وكذا يشترط أن يكون الصاع المخرج فاضلاً عما ذكرنا، وعن دست ثوب يليق به صرح به الإمام والمتولي والنووي في نكت التنبيه،

[مسألةوهل يمنع الدين وجوب الفطرة؟

  • ليس في الشرح الكبير والروضة ترجيح بل نقلا عن إمام الحرمين الاتفاق على أنه يمنع وجوبها كما أن الحاجة إلى نفقة القريب تمنع وجوبها
  • إلا أن الرافعي في الشرح الصغير رجح أن الدين لا يمنع الوجوب وبه جزم النووي في نكت التنبيه، ونقله عن الأصحاب

وقول الشيخ "وعمن تلزمه نفقته".
اعلم أن الجهات التي تتحمل زكاة الفطر ثلاثة: الملك، والنكاح والقرابة، فمن تلزمه نفقته بسبب منها لزمه فطرة المنفق عليه،
ويستثنى من ذلك مسائل يلزمه نفقة ذلك الشخص، ولا تجب فطرته: 

  • منها الابن تلزمه نفقة زوجة أبيه، وفي وجوب زكاة الفطر عليه بسببها وجهان:
أصحهما عند الغزالي في جماعة أنها تجب عليه كالنفقة،
وأصحهما عند البغوي وغيره لا تجب وصححه النووي في زيادة الروضة، وصححناه في المحرر والمنهاج، ويجري الوجهان في مستولدة الأب،

  • ومنها لو كان للأب ابن بالغ والولد في نفقة أبيه. فوجد قوت الولد يوم العيد وليلته لم تجب فطرته على الأب، وكذا الابن الصغير إذا كانت المسألة بحالها كالكبير،
  • ومنها القريب الكافر الذي تجب نفقته،
  • وكذا العبد الكافر والأمة الكافرة تجب نفقتهم دون فطرتهم،
  • وكذا زوجته الكافرة، وعن هؤلاء احترز الشيخ بقوله "من المسلمين
  • ومنها زوجة المعسر أو العبد إذا كانت موسرة فإن نفقتها مستقرة في ذمته، ولا تجب فطرتها بل تجب عليها على الأصح عند الرافعي وخالفه النووي فصحح عدم الوجوب، 
  • وكذا الأمة المزوجة بعبد أو معسر تجب فطرتها على سيدها على الأصح دون نفقتها فإنها واجبة على الزوج،
  • ومنها إذا كان له عبد لا مال له غيره بعد قوت يوم العيد وليلته وبعد صاع يخرجه عن فطرة نفسه، وقلنا بالصحيح إنه في هذه الصورة أنه يبدأ بنفسه. 
حكى الإمام فيه ثلاثة أوجه:

  • الأصح أنه إن كان محتاجاً إليه لخدمته فهو كسائر الأموال،
  • والثاني يباع منه بقدر الفطرة،
  • والثالث لا تجب الزكاة أصلاً،
فعلى الصحيح في معنى خدمته خدمة من تلزمه خدمته من قريب وزوجة، ولو كان محتاجاً إلى العبد لعمله في أرضه أو ماشيته فإن الفطرة تجب قاله النووي في شرح المهذب، وأطلق في المنهاج ولم يذكر التقييد بالخدمة والله أعلم.

______________________________________________________
قال:
فيخرج صاعاً من قوت بلده وقدره خمسة أرطال وثلث بالعراقي
______________________________________________________
من وجبت عليه زكاة الفطر يلزمه أن يخرج صاعاً من قوته لحديث ابن عمر المتقدم،
وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي
ووزنه ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهماً وثلث درهم [693.3 درهم]، وهذا عند الرافعي لأنه يقول إن رطل بغداد مائة وثلاثون درهماً،
وقال النووي: إن الرطل مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهم. فعلى ما صححه النووي يكون الصاع ستمائة وخمسة وثمانين درهماً وخمسة أسباع درهم [685.7 درهموالاعتبار في الصاع بالكيل،

وإنما قدر العلماء الصاع بالوزن استظهاراً. قال النووي: قد يستشكل ضبط الصاع بالأرطال فإن الصاع المخرج به في زمنه عليه الصلاة والسلام مكيال معروف، ويختلف قدره وزناً باختلاف جنس ما يخرج كالذرة والحمص وغيرهما.

فالصواب الاعتماد على الكيل دون الوزن. فالواجب أن يخرج بصاع مغاير بالصاع الذي كان يخرج به في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فمن لم يجده وجب عليه أن يخرج قدراً يتيقن أنه لا ينقص عنه، وعلى هذا فالتقدير بخمسة أرطال وثلث تقريب

وقال جماعة من العلماء: إنه قدر أربع حفنات بكفي رجل معتدل الكفين والله أعلم.

إذا عرفت هذا فكل ما يجب فيه العشر [قدر زكاة الحبوب والثمار] فهو صالح لإخراج الفطرة منه. هذا هو المذهب المشهور،
وفي قول لا يجزىء الحمص والعدس ويجزىء الأقط على الصحيح، وقال النووي: ينبغي القطع بجوازه لصحة الحديث فيه،
[قال ابن عثيمين:
قوله: «من بر» البر: حب معروف، وهو من أفضل أنواع الحبوب ..... إلى قوله:
قوله: «أو شعير» وهو: حب معروف ومفيد، ولا سيما إذا كانت فيه قشوره، وقد ذكر فيه الأطباء منافع كثيرة، لكن فائدته أقل من فائدة البر.
قوله: «أو تمر» معناه أنه لا يجوز أن يدفع الرطب في الفطرة، بل لا بد أن يكون تمراً جافاً، والتمر كان يكال على عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو من الأصناف المكيلة، لكنه صار عندنا الآن من الأصناف التي توزن، ولذلك فإنه عند الإخراج يجب على الإنسان أن يلاحظ الخفة والثقل.
قوله: «أو زبيب» والزبيب هو يابس العنب، ولكن العنب ليس كله يصلح أن يكون زبيباً، بل يصلح لذلك أنواع معينة منه والزبيب غذاء وقوت كالتمر.
قوله: «أو أقط» والأقط نوع من الطعام يعمل من اللبن المخيض، ثم يجفف، وتعمله البادية في الغالب.
فالواجب أن زكاة الفطر تخرج من طعام الآدميين، وإذا كانت هذه الأطعمة متنوعة فإننا نأخذ بالوسط العام، وفي وقتنا الحاضر وجدنا أكثر شيء هو الرز، وعموم كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ أن هذه الأنواع تخرج في زكاة الفطر، سواء كانت قوتاً وطعاماً أم لم تكن؛ لأنها جاءت منصوصاً عليها في الحديث، والفقهاء هنا أخذوا بظاهر النص دون معناه؛ وعليه لو أن أحد الناس في هذا الوقت أخرج شعيراً أو زبيباً أو أقطاً، لأجزأه ذلك رغم أنها ليست بقوت.
وقول المؤلف: «يجب صاع من بر أو شعير» ظاهرهُ أَنَّهُ لا فرق بين البر وما سواه، وأنه يجب إخراج صاع من البر.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أنه يخرج من البر نصف صاع وقال: هذا الذي جرى عليه الناس في عهد معاوية ـ رضي الله عنه ـ، فإن معاوية ـ رضي الله عنه ـ لما قدم المدينة قال: أرى أن مداً من هذه ـ يعني الحنطة ـ يعدل مدين من هذا ـ يعني الشعير ـ فعدل الناس عن الصاع من البر إلى نصف الصاع منه.
وقال شيخ الإسلام: وهو أيضاً قياس بقية الكفارات عند الفقهاء، فإن الفقهاء يقولون: إن الواجب صاع من كذا، أو نصف صاع من البر، أو يقولون: الواجب نصف صاع من كذا أو مد من البر فيجعلون البر على النصف من غيره،

ولكن الصحيح في هذه المسألة أن الواجب صاع من بر أو غيره.]

والأصح أن الجبن واللبن في معناه، وهذا فيمن ذلك قوته وإلا فلا يجزىء التين ولا لحم الصيد وإن كان يقتات بهما في بعض الجزائر لأن النص ورد في بعض المعشرات وقسنا عليه الباقي بجامع الاقتيات.
[قال ابن عثيمين: لكن يبقى النظر فيما إذا لم تكن هذه الأنواع أو بعضها قوتاً فهل تجزئ؟

الجواب: الصحيح أنها لا تجزئ ولهذا ورد عن الإمام أحمد: الأقط لا يجزئ إلا إذا كان قوتاً، وإنما نص عليها في الحديث؛ لأنها كانت طعاماً فيكون ذكرها على سبيل التمثيل لا التعيين؛ لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخذري ـ رضي الله عنه ـ قال: «كنا نخرجها في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذٍ التمر والزبيب والشعير والأقط».]

واعلم أن شرط المخرج:

  • أن لا يكون مسوساً ولا معيباً [لقوله تعالى: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267]].

كالذي لحقه ماء أو نداوة الأرض ونحو ذلك كالعتيق المتغير اللون والرائحة، وكذا المدود،

  • وشرط المخرج أن يكون حباً
فلا تجزىء القيمة بلا خلاف، وكذا لا يجزىء الدقيق ولا السويق ولا الخبز لأن الحب يصلح لما لا يصلح له هذه الثلاثة وهو مورد النص فلا يصح إلحاق هذه الأمور بالحب لأنها ليست في معنى الحب فاعرفه،
[قوله: «أو دقيقهما» أي: دقيق البر أو دقيق الشعير، فلو أنه دفع صاعاً من دقيق أحدهما فإنه يجزئ، ولكن على أن يكون المعتبر في الدقيق الوزن؛ لأن الحب إذا طحن انتشرت أجزاؤه، فالصاع من الدقيق يكون صاعاً إلا سدساً تقريباً من الحب، والصاع من الحب (البر أو الشعير) يكون صاعاً وزيادة من الدقيق؛ لأن الحب في خلقة الله ـ عزّ وجل ـ له منطبق تماماً وإن كان فيه فرجات ما بين الحبة والأخرى.
قوله: «أو سويقهما» أي سويق البر والشعير، والسويق: هو الحب المحموس الذي يحمس على النار ثم يطحن، وبعد ذلك يُلت بالماء، ويكون طعاماً شهياً.]

ثم الواجب غالب قوت بلده لأن نفوس الفقراء متشوقة إليه، وقيل الواجب قوت نفسه. فعلى الصحيح وهو أن الواجب غالب قوت البلد

لو كانوا يقتاتون أجناساً لا غالب فيها أخرج ما شاء، وقيل يجب الأعلى احتياطاً،
ثم ما المراد بالغالب؟
قال في أصل الروضة: قال الغزالي في الوسيط: المعتبر غالب قوت البلد وقت وجوب الفطرة لا في جميع السنة، وقال في الوجيز: غالب قوت البلد يوم الفطر والله أعلم. وما في الوسيط صرح به صاحب الذخائر، وكلام شرح المهذب قال الاسنائي: يقتضي أن المراد بقوت البلد إنما هو في وقت من الأوقات فتفطن له، وصورة مسألة شرح المهذب التي ذكرها الاسنائي فيما إذا كانوا يقتاتون أجناساً لا غالب فيها ولو كانوا يقتاتون قمحاً مخلوطاً بشعير أو بذرة أو بحمص ونحو ذلك، فإن كان على السواء تخير والأوجب الإخراج من الأكثر،

ويحرم تأخير الزكاة عن يوم العيد،

بل إن حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ صريح في هذا حيث قال فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» وهذا نص في أنها لا تجزئ، وإذا كانت لا تجزئ فإن الإنسان يكون قد ترك فرضاً عليه بالنص وهو «فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زكاة الفطر» فيكون بذلك آثماً، ولا تقبل على أنها زكاة فطر.]

ويستحب إخراجها قبل صلاة العيد ويجوز تعجيلها من أول رمضان والله أعلم.
[قال ابن عثيمين: وقال بعض العلماء: يجوز إخراجها من أول الشهر، وهذا ضعيف؛ لأنها لا تسمى صدقة رمضان، وإنما تسمى صدقة الفطر من رمضان.]
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18072.shtml

[فرع]:
لو أخرج من ماله فطرة ولده الصغير جاز وإن كان الصغير غنياً فلأنه يستقل بتمليكه فكأنه ملكه ثم أخرج عنه، والجد في معنى الأب، وهذا بخلاف الولد الكبير فإنه لا يخرج عنه إلا بإذنه كالأجنبي: نعم لو كان الابن الكبير مجنوناً جاز أن يخرج عنه لأنه لا يمكن أن يملكه لأنه كالصغير.
واعلم أن التقييد "بالوالد" يخرج الوصي والقيم فإنه لا يجوز أن يخرج عنه من ماله إلا بإذن القاضي. كذا جزم به النووي في شرح المهذب لأن اتحاد الموجب والقابض يختص بالأب والجد،
والأفضل صرف الفطرة إلى أقاربه الذين لا تلزمه نفقتهم، والأولى أن يبدأ بذي الرحم المحرم كالأخوات والأخوة والأعمام والأخوال، ويقدم الأقرب فالأقرب ثم القرابة الذين ليسوا بمحرمين عليه كأولاد العم والخال ثم بالجار والله أعلم.

No comments:

Post a Comment