Pages

Thursday, January 31, 2013

شروط الصلاة (Syarat-syarat sholat )


كفاية الأخيار " جزء 1 - صفحة 131 " 

[شروط الصلاة
·       شروط وجوب الصلاة
·       شروط صحة الصلاة]

فصل : 
وشرائط وجوب الصلاة ثلاثة أشياء : 
  • الإسلام 
  • والبلوغ 
  • والعقل

من اجتمع فيه الإسلام والبلوغ والعقل والطهارة عن الحيض والنفاس فلا شك في وجوب الصلاة عليه. 

الكافر
فأما الكافر فإن كان كفره أصليا لم تجب عليه الصلاة لأنها لا تصح منه في الكفر ولا يجب عليه قضاؤها إذا أسلم بلا خلاف تخفيفا فلا يجوز أن يخاطب بها كالحائض وهذا ظاهر نص الشافعي وبه قال الشيخ أبو حامد وطرده في جميع فروع الشريعة وحكى عن العراقيين كذا قاله الفقهاء 
لكن الصحيح في الروضة وغيرها أن الكافر الأصلي مخاطب بالصلاة وغيرها من فروع الشريعة 
ووجه الجمع أن الفقهاء يقولون إنه غير مخاطب حال كفره والذين قالوا إنه مخاطب قالوا : شرط خطابه أن يسلم فمن لم يسلم فلا يخاطب فاعرفه 

المرتد
وأما المرتد فتجب عليه الصلاة والقضاء بلا خلاف إذا أسلم، لأنه بالإسلام التزم ذلك فلا تسقط عنه بالردة كمن أقر بمال ثم ارتد لا يسقط عنه 
[قال الشيخ العثيمين: القول الراجح من أقوال أهل العلم أن الكافر مخاطب بفروع الإسلام، كما هو مخاطب بأصوله، والدليل على ذلك قوله تعالى: { لَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ(39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ(40)عَنِ الْمُجْرِمِينَ(41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ(42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ(47)} [المدثر] ، ووجه الدلالة من الآية: أنهم ذكروا من أسباب دخولهم النار أنهم لم يكونوا من المصلين، ولا من المطعمين للمسكين، بل أقول: إن الكافر معاقب على أكله وشربه ولباسه، لكنه ليس حراماً عليه بحيث يمنع منه إنما هو معاقب عليه.
ودليل ذلك قوله تعالى: { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } [المائدة: 93] ، فقوله: { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ } يدل بمفهومه على أن غيرهم عليهم جناح فيما طعموا، والطعام يشمل الأكل والشرب؛ لقوله تعالى: { فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي }(البقرة: من الآية249) ، 
ودليل اللباس قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(لأعراف: من الآية32) ، فقوله: {لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يفهم منه أنها ليست للذين كفروا، وقوله: { خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يفهم منه أنها لغير المؤمنين ليست خالصة لهم، بل يعاقبون عليها.]

الصبي ومن زال عقله بجنون أو مرض
وأما الصبي ومن زال عقله بجنون أو مرض ونحوهما فلا تجب عليه 
لقوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المنجنون حتى يعقل " أخرجه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن 
ودليل عدم الوجوب في حق الحائض والنفساء يعلم من الحيض 
_________________________________________________


كفاية الأخيار " جزء 1 - صفحة 138 "

[شروط صحة الصلاة]
فصل : وشرائط الصلاة قبل الدخول فيها خمسة أشياء
اعلم أن الشرط في اللغة: العلامة، ومنه أشراط الساعة
وفي الاصطلاح: ما يلزم من عدمه عدم الصحة وليس بركن، هذا هو المراد هنا،  كذا ذكره بعض الشراح وهو صحيح إن عددنا عدم الصحة وليس بركن هذا هو المراد هنا  كذلك
ثم إن الصلاة لها شروط وأركان وأبعاض وهيئات فالشروط كما ذكره الشيخ خمسة وعدها النووي في المنهاج أيضا خمسة إلا أنهما اختلفا في الكيفية 
واحترز الشيخ ب "قبل الدخول فيها" عما وجد فيها وهو مبطل فإنه لا يعد شرطا بل يعد مانعا وهو اصطلاح جماعة منهم النووي في شرح المهذب والوسيط وقال : الصواب أنها مبطلات لا شروط وعد في الروضة المبطلات شروطا فذكر خمسة 
ثم قال : السادس: السكوت عن الكلام 
السابع: الكف عن الأفعال الكثيرة 
الثامن: الإمساك عن الأكل فصارت ثمانية 
ولهذا قال في أصل الروضة : شروطها ثمانية 

واعلم أن الشرط والركن لا بد منهما في صحة الصلاة ولكن يفترقان بأن الشرط ما كان خارجا عن ماهية الصلاة والركن ما كان داخلها وأما الأبعاض فتجبر بسجود السهو بخلاف الهيئات وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى

[شروط صحة الصلاة:
  1. الطهارة عن حدث الأصغر والأكبر
  2. الطهارة عن النجاسة في البدن والثوب والمكان 
  3. وستر العورة بلباس طاهر، والوقوف على مكان طاهر
  4. والعلم بدخول الوقت
  5. واستقبال القبلة
  6. السكوت عن الكلام
  7. الكف عن الأفعال الكثيرة
  8. الإمساك عن الأكل ]   

قال :
طهارة الأعضاء من الحدث والنجس

[الشرط الأول: الطهارة عن حدث الأصغر والأكبر]
يشترط لصحة الصلاة الطهارة عن الحدث سواء في ذلك الأصغر والأكبر عند القدرة، لأن فاقد الطهورين يجب أن يصلي على حسب حاله وتجب الإعادة وتوصف صلاته بالصحة على الصحيح 
والدليل على اشتراط الطهارة الكتاب والسنة وإجماع الأمة : 
قال الله تعالى { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } الآية وغيرها 
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صلاة بغير طهور " والأحاديث في ذلك كثيرة جدا 

صوره :
فلو صلى بغير طهارة وكان محدثا عند إحرامه لم تنعقد صلاته عامدا كان أو ناسيا 
وإن أحرم متطهرا ثم أحدث باختياره بطلت صلاته سواء علم أنه في الصلاة أم لا 
وإن أحدث لا باختياره بطلت طهارته بلا خلاف وتبطل صلاته أيضا على المشهور الجديد لانتفاء شرطها وفيه حديث رواه أبو داود وحسنه الترمذي 
وفي قول قديم يبني إذا تطهر واحتجوا له بحديث ضعيف 


الشرط الثاني: الطهارة عن النجاسة في البدن والثوب والمكان 
البدن
أما البدن فلقوله تعالى { والرجز فاهجر } والرجز النجس 
وفي الصحيحين أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي
ومنها حديث القبرين " إنهما ليعذبان أما أحدهما فكان لا يستتر من البول
وفي إضافة عذاب القبر إلى البول خصوصية تخصه دون بقية المعاصي وقد جاء " تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه " عافانا الله الحليم من عذابه 

الثوب
وأما الثوب فللآية الكريمة 
وفي الحديث في دم الحيض يصيب الثوب قال " ثم اغسليه بالماء " حديث صحيح 

المكان
وأما المكان فلقوله صلى الله عليه وسلم لما بال الأعرابي في المسجد " صبوا عليه ذنوبا من ماء " حديث صحيح متفق عليه 

 7 -02- 2013
إذا عرفت هذا فاعلم أن النجاسة قسمان: 
  • نجاسة واقعة في مظنة العفو 
  •  ونجاسة لا يعفى عنها، 

[القسم الأول:] فالنجاسة غير المعفو عنها يجب اجتنابها في الثوب والبدن والمكان فلو أصاب الثوب نجاسة وعرف موضعها غسلها 

فلو قطع موضعها أجزأه ويلزمه ذلك إذا عجز عن الغسل وكان الباقي يستر العورة بشرط أن لا ينقص من قيمته بالقطع أكثر من أجرة الثوب 
وإن لم يعرف موضعها من البدن والثوب وجب غسله كله ولا يجزيه الاجتهاد 
ولو أصاب طرف ثوبه أو عمامته نجاسة بطلت صلاته سواء كان الصائب يتحرك بحركته أم لا 

ولو قبض طرف حبل أو شدة في وسطه وطرفه الآخر نجس أو ملقى على نجاسة ففيه خلاف 
الراجح في الشرح الكبير والروضة البطلان كالعمامة والثاني لا تبطل والله أعلم 
قال الرافعي في الشرح الصغير : وهو أوجه الوجهين 

لو كان الحبل في يده أو شده في وسطه وطرفه الآخر مربوط في عنق حمار وعلى الحمار حمل نجاسة ففيه الخلاف والأولى عدم البطلان لأن بين الحبل والنجاسة واسطة 

ولو صلى على بساط تحته نجاسة أو على طرفه نجاسة أو على سرير قوائمه على نجاسة لم يضر 
ولو كانت نجاسة تحاذي صدره في حال سجوده أو غيره : فوجهان الأصح لا تبطل صلاته لأنه غير حامل للنجاسة ولا مصل عليها ولو صلى وهو حامل نشابا لم تصح صلاته لأجل الريش وكذا لو كان في إبهامه كشتوان غير طاهر وما أشبه ذلك والله أعلم
القسم الثاني: من النجاسة الواقعة في مظنة العفو وهي أنواع منها:
  • الأثر الباقي على محل الاستنجاء بعد الاستنجاء بالحجر يعفى عنه 
  • ولو حمل ثوبا عليه نجاسة معفو عنها لم تصح صلاته كما لو حمل مستجمرا بالحجر 
  • ولو انتشرت بالعرق عن محل الاستنجاء فالأصح العفو لعسر الاحتراز 
  • ولو حمل حيوانا تنجس منفذه بالخارج منه ففي بطلان صلاته وجهان:
الأصح عند إمام الحرمين البطلان وقطع به المتولي 
والأصح عند الغزالي صحة صلاته 
  • ولو حمل بيضة مذرة حشوها دم وظاهرها طاهر فالأصح بطلان الصلاة 
  • ومنها طين الشوارع المتيقن النجاسة يعفى عما يتعذر الاحتراز منه غالبا
ويختلف بالوقت: فيعفى في الشتاء دون الصيف 
وبموضع النجاسة من البدن: فيعفى عن الأذيال دون الاكمام والاكتاف والرأس 
وكل ذلك في القليل دون الكثير 
فالقليل: ما لا ينسب صاحبه فيه إلى قلة تحفظ بخلاف الكثير: فإنه ينسب صاحبه فيه إلى قلة الحفظ 
  • ولو أصاب أسفل الخف أو النعل نجاسة فدلكه بالأرض حتى ذهب أجزاؤها ففي صحة صلاته قولان
الصحيح لا تصح مطلقا لأن النجاسة لا يطهرها إلا الماء كما مر في الأحاديث الصحيحة 
  • ومنها دم البراغيث [kutu pada anjing] فيعفى عن قليله في الثوب والبدن لمشقة الاحتراز 
وكذا يعفى عن كثيره في الأصح عند النووي 
والأصح عند الرافعي لا يعفى 
والقمل كالبراغيث وبول الذباب كالبراغيث وكذا بول الخفاش [kelelawar] وفي ضبط القليل والكثير خلاف : 
والأصح الرجوع فيه إلى العرف 
ويختلف ذلك باختلاف الأوقات والبلاد 
ولو شك هل هو قليل أو كثير فالراجح أنه قليل لأن الأصل عدم الكثرة 
  • ولو قتل قملة أو برغوثا في ثوبه أو بدنه أو بين أصابعه فتلوث به أو بسط الثوب الذي عليه الدم المعفو ونقله في شرح المهذب عن المتولي وأقره 
  • ولو كان الثوب زائدا على لباسه لم تصح صلاته لأنه غير مضطر إليه والله أعلم. 
  • ومنها دم البثرات وقيحها وصديدها كدم البراغيث فيعفى عن قليله وعن كثيره في الأصح ولو عصره على الراجح، 
والبثرات: جمع بثرة وهو خراج صغير، ولو أصابه شيء من دم نفسه لا من البثرات بل من الدماميل والقروح وموضع الفصد والحجامة ففيه خلاف. 
والأصح عند النووي أنه كدم البثرات، ثم ماء القروح والنفاطات إن كان له رائحة فهو نجس وإلا فالمذهب أنه طاهر، ولو أصابه دم من غيره
فإن كان كثيراً لم يعف عنه لأنه لا يشق الاحتراز منه وإن كان قليلاً فقولان: 
الأحسن عند الرافعي عدم العفو. والأصح عند النووي العفو، ويستثنى دم الكلب والخنزير لغلظ نجاستهما.
 
[فرع]: 
إذا صلى بنجاسته لا يعفى عنها وهو جاهل بها حال الصلاة سواء كانت في بدنه أو ثوبه أو موضع صلاته، فإن لم يعلم بها ألبتة فقولان: 
الجديد الأظهر يجب عليه القضاء لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالجهل كطهارة الحدث 
والقديم أنه لا يجب، ونقله ابن المنذر عن خلائق واختاره، وكذا النووي اختاره في شرح المهذب، 

وإن علم بالنجاسة ثم نسيها فطريقان: 
أحدهما على القولين والمذهب القطع بوجوب القضاء لتقصيره، 

ثم إذا أوج بنا الإعادة فيجب عليه إعادة كل صلاة صلاها مع النجاسة يقيناً، فإن احتمل حدوثها بعد الصلاة فلا شيء عليه لأن الأصل عدم وجدانها في ذلك الزمن، 

ولو رأى شخصاً يريد الصلاة وفي ثوبه نجاسة والمصلي لا يعلم بها لزمها العالم إعلامه بذلك لأن الأمر بالمعروف لا يتوقف على العصيان بل هو لزوال المفسدة، قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام وهي مسألة حسنة والله أعلم. 


قال:
[الشرط الثالث:] وستر العورة بلباس طاهر، والوقوف على مكان طاهر

أما طهارة اللباس والمكان عن النجاسة فقد مر، وأما ستر العورة فواجب مطلقاً حتى في الخلوة والظلمة على الراجح لأن الله تعالى أحق أن يستحيا منه: سواء كان في الصلاة وغيرها، 

والعورة في اللغة: النقص والخلل وما يستحيا منه، وهي هنا ما يجب ستره في الصلاة، 
والدليل على أن سترها شرط لصحة الصلاة 
قوله صلى الله عليه وسلم {لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمارقال الترمذي: حديث حسن، وقال الحاكم: هو على شرط مسلم  والمراد بالحائض البالغ، 
والإجماع منعقد على ذلك عند القدرة، 
فإن عجز عن السترة صلى عرياناً ولا إعادة عليه على الراجح لأنه عذر عام وربما يدوم، فلو أوجبنا الإعادة لشق، 
ثم شرط السترة: 
1. أن تمنع لون البشرة: سواء كان من ثياب أو جلود أو ورق أو حشيش ونحو ذلك حتى الطين والماء الكدر، وصورة الصلاة في الماء على الجنازة. والأصح وجوب التطين لأنه قادر على السترة، ولا يكفي الثوب الرقيق مثل غزل النبات ونحوه لأنه لا يمنع لون البشرة وكذا الكرباس الذي له أبخاش، 
  • ولو كانت عورته ترى من جيبه في ركوعه أو سجوده لم يكف، فيجب إما زره أو وضع شد عليه ونحوه، 
  • ولو لم يجد إلا ثوباً نجساً ولا يجد ماء يغسله به؟ فقولان: 
الأظهر أنه يصلي عرياناً ولا إعادة عليه، 
والثاني يصلي فيه ويعيد، 
  •  ولو كان محبوساً في موضع نجس ومعه ثوب واحد لا يكفي للعورة والنجاسة؟ فقولان أيضاً: 
أظهرهما يبسطه للنجاسة ويصلي عارياً بلا إعادة، 
والثاني يصلي فيه على النجاسة ويعيد 

[ يُشترط في الثَّوب السَّاتر أربعة شروط:
الشَّرط الأول: ألَّا يصفَ البشرة كما قال المؤلِّفُ، فإن وَصَفَها لم يجزئ؛ لأن السَّتر لا يحصُل بدون ذلك، وعلى هذا لو لبس ثوباً من «البلاستيك» يمنع وصولَ الماء والهواء، فإنها لا تصحُّ الصَّلاة به؛ لأن ذلك لا يستر؛ بل هو يصفُ البشرة.
الشَّرط الثاني: أن يكون طاهراً. فإذا كان نجساً فإنه لا يصحُّ أن يصلِّي به، ولو صَلَّى به لا تصح صلاتُه، لا لعدم السَّتر، ولكن لأنَّه لا يجوز حمل النَّجس في الصَّلاة،
الشَّرطُ الثَّالثُ: أن يكون مباحاً، أي: ليس بمحرَّمٍ، 

والمحرَّمُ ثلاثة أقسام: محرَّم لعينه، محرَّم لوَصْفِهِ، محرَّمٌ لكسبه.
أما المحرم لعينه: فكالحرير للرَّجُل، فهو حرام على الرِّجال، فلو صَلَّى رَجُلٌ بثوب حرير، فصلاتُه باطلة بناءً على هذا الشَّرط؛ لأنه سَتَرَ عَوْرَته بثوبٍ غيرِ مأذونٍ فيه، ومن عمل عملاً ليس عليه أمْرُ الله ورسوله فهو رَدٌّ.
وأما المحرَّم لوصفه: فكالثوب الذي فيه إسبال، فهذا رَجُل عليه ثوب مباح من قُطْنٍ، ولكنَّه أنزله إلى أسفلَ من الكعبين، فنقول: إن هذا محرَّم لوَصْفه؛ فلا تصحُّ الصَّلاة فيه؛ لأنه غير مأذونٍ فيه، وهو عاصٍ بِلُبْسه، فيبطل حُكمه شرعاً، ومن عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ.
وأما المحرَّم لكسبه: فأن يكون مغصوباً أو مسروقاً، مثل: رَجُلٌ سرقَ ثوبَ إنسانٍ وصَلَّى فيه، فنقول: الصَّلاة هنا غيرُ صحيحة؛ لأنك سترت عورتك بثوبٍ محرَّمٍ عليك، فلا تصحُّ صلاتُك.

14-02-2013
أما الشَّرطان الأولان فواضحان وأدلتهما ظاهرة.
وأما الثَّالث؛ فمحلُّ خلافٍ بين العلماء، 
فمن أهل العلم من يقول: إن السَّتر يحصُل بالثَوب المحرَّم؛ لأن جهة النَّهي والأمر مختلفة؛ لأن المحرَّم في هذا الثوب ليس هو لُبْسُه في الصَّلاة حتى نقول: إنه يُعارض الأمر بلُبْسِه في الصَّلاة. بل المحرَّم لُبْسُ هذا الثوب مطلقاً، وعلى هذا فيكون مورد النهي غير مورد الأمر، 
يعني: لو قيل لك: لا تلبس الحرير في الصَّلاة، ثم لَبِستَه، فحينئذ لا تصحُّ صلاتُك؛ لأن مورد الأمر والنهي واحد، والأمر اتِّخاذُ اللباس أو الزِّينة، والنَّهي عن لُبْس الحرير في الصَّلاة، لو كان الأمر كذلك لقلنا: إن الصَّلاة لا تصحُّ لتعارض الأمر والنهي. 

لكن في مسألتنا النَّهي خارجٌ عن الصَّلاة، لا تلبس الحرير مطلقاً، وهذا الرَّجُل لَبِسَه، فهو آثم بلُبْسِه لا شكَّ؛ لكنه ليس على وجهٍ يختصُّ بالصَّلاة حتى نقول: إنه ينافيها.
وعلى هذا؛ فإذا صَلَّى بثوبٍ مُحَرَّمٍ فصلاتُه صحيحة؛ لكنه آثمٌ؛ لأنه متلبِّسٌ بثوب محرَّم.
 
الشَّرط الرابع: يُشترط لوجوب السَّتر ألا يضرُّه، فلو كان الثَّوب فيه مسامير، فهل نُلزِمُه بأن يلبس هذا الثَّوب الذي يأكل جلده أو يُدميه؟
الجواب: لا؛ لأن الله تعالى لَمْ يوجب على عباده ما يَشُقُّ عليهم، ثم هو في أثناء صلاته لا يمكن أن يطمئنَّ أبداً.
ولو أنَّ إنساناً في جلده حَسَاسية لا يمكن أن تقبل أيَّ ثوب، ولو لَبِس ثوباً لكان مشغولاً جداً فماذا يصنع؟
فالجواب: أن يُقال: إن الحرير يُخَفِّفُ هذه الحَسَاسية، وأن الإنسان إذا كان في جلده حَساسية ولبس الحرير، فإن الحَساسية تبرد عليه ما دام عليه هذا الثَّوب. وحينئذ نقول: الْبِسْ ثوباً من حرير إذا تمكَّنت، وإذا لم تتمكَّنْ فصلِّ حَسَبَ الحال.

[قال الشيخ الألباني: 
الشرط الأول : ( استيعاب جميع البدن إلا ما استثني )
 فهو في قوله تعالى في [ سورة النور : الآية 31 ] :
 ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
 وقوله تعالى في [ سورة الأحزاب : الآية 59 ] :
 ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما )
 ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن
 [ 39 ] 
الشرط الثاني :  ( أن لا يكون زينة في نفسه )
 لقوله تعالى في الآية المتقدمة من سورة النور : ( ولا يبدين زينتهن ) [ النور : 31 ] فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى في [ الأحزاب : 33 ] :
 ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )
 
الشرط الثالث:  ( أن يكون صفيقا لا يشف )
 لأن الستر لا يتحقق إلا به وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة 
الشرط الرابع :  ( أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها )
 لأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا
 الشرط الخامس:  ( أن لا يكون مبخرا مطيبا )
  الشرط السادس:  ( أن لا يشبه لباس الرجل )
]

 [مسائل]
ولو لم يجد العاري إلا ثوباً لغيره حرم عليه لبسه بل يصلي عارياً ولا يعيد وليس له أخذه منه قهراً 
ولو وهبه لم يلزمه قبوله في الأصح للمنة، 
ولو أعاره لزمه قبوله لضعف المنة، فإن لم يقبل وصلى عارياً لم تصح صلاته لقدرته على السترة 
ولو باعه إياه أو أجره فهو كالماء في التيمم، 

ويكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل 
والمرأة متنقبة إلا أن تكون في مسجد، وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس، زاده الله تعالى شرفاً فليجتنب ذلك ويستحب أن يصلي الشخص في أحسن ثيابه والله أعلم.


قال:
[الشرط الرابع:] والعلم بدخول الوقت

لا شك أن دخول الوقت شرط في صحة الصلاة، فإن علم ذلك فلا كلام وإن جهله وجب عليه الاجتهاد لأنه مأمور به، ولا فرق في الجهل بين أن يكون لغيم أو حبس في موضع مظلم أو غير ذلك. 
فلو قدر على الخروج من البيت المظلم لرؤية الشمس فهل يلزمه ذلك؟ 
فوجهان: أصحهما في شرح المهذب له الإجتهاد، 
ولو أخبره عدل عن معاينة بأن قال: رأيت الفجر طالعاً والشفق غارباً، أو أخبرني فلان برؤيته امتنع عليه الاجتهاد كما لو أخبره شخص بنص من كتاب أو سنة في مسألة لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص، ثم الاجتهاد يكون بورد من قراءة أو درس علم وبناء ونسخ ونحو ذلك، وسواء كان منه أو من غيره كما قاله ابن الرفعة، 
ومن الأمارات صياح الديك المجرب، 
والمؤذن الواحد إن لم يكن ثقة فلا يأخذ أحد بأذانه وإن كان ثقة وهو غير عالم بالوقت فكذا، 
وإن كان ثقة عالماً بالوقت فوجهان. قال الرافعي: لا يؤخذ بقوله لأنه يخبر عن اجتهاده والمجتهد لا يقلد مجتهداً،

بخلاف ما إذا أذن في يوم الصحو فإنه يخبر عن مشاهدة. 
وقال النووي: يأخذ بقوله ونقله عن نص الشافعي فإنه لا يتقاعد عن صياح الديك، ثم حيث أمرناه بالاجتهاد نظر إن كان عاجزاً عن الأدلة، فالأصح في شرح المهذب أنه يقلد، وإن كان يحسنها نظر إن صلى بلا اجتهاد لم تصح صلاته ووجب عليه أن يعيد، وإن كان يحسنها نظر إن صلى بلا اجتهاد لم تصح صلاته ووجب عليه أن يعيد، وإن صلى في الوقت وإن اجتهد نظر إن لم يغلب على ظنه شيء أخر إلى حصول الظن، والاحتياط أن يؤخر إلى زمن يغلب على ظنه أنه لو أخر لخرج الوقت، وإن غلب على ظنه دخول الوقت صلى، ثم إن لم يتبين له الحال فلا شيء عليه وإن بان وقوعها في الوقت فلا كلام، وإن بان بعده صحت، وإن نوى الأداء صرح به الرافعي في كتاب الصيام،وإن بان أنها قبل الوقت قضى على المذهب، ولو علم المنجم دخول الوقت بالحساب قال في البيان: المذهب أنه يعمل به بنفسه ولا يعمل به غيره، 

والمنجم الموقت لا المنجم في عرف الناس كهؤلاء الذين يضربون بالرمل فإنهم فسقة ومنهم من يكون سيىء الاعتقاد وهو زنديق كافر وقد صح عن رسول الله صلى الل ه عليه وسلم أنه قال {من أتى عرافاً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً}، ورواية مسلم {من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه} ولو أخبره مخبر بأن صلاته وقعت قبل الوقت نظر إن أخبره عن علم أو مشاهدة وجبت الإعادة، وإن أخبره عن اجتهاد فلا والله أعلم.


قال:
[الشرط الخامس:] واستقبال القبلة 

هي الكعبة، وسميت قبلة لأن المصلي يقابلها، وكعبة لارتفاعها، واستقبالها شرط لصحة الصلاة في حق القادر، لا في شدة الخوف، وفي نفل السفر المباح لقوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره
والاستقبال لا يجب في غير الصلاة فتعين أن يكون في الصلاة، 
ولقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته {واستقبل القبلة وكبر
ثم الفرض في حق القريب من القبلة اصابة عينها بأن يحاذيها بجميع بدنه، فلو خرج بعض بدنه عن مسامتها فلا تصح صلاته على الأصح، 
وأما البعيد ففي الفرض في حقه قولان: 
أظهرهما أيضاً إصابة العين للآية لكن يكفي غلبة الظن بخلاف القريب فإنه يلزمه ذلك بيقين لقدرته عليه بخلاف البعيد، 
والقول الثاني: أن الفرض في حق البعيد الجهة. 

واعلم أنه يشترط أيضاً أن يكون مصلي الفرض مستقراً
 فلا يصح من الماشي وان استقبل القبلة، ولا من الراكب الذي تسير به دابته لعدم استقراره، فلو كانت الدابة واقفة واستقبل ولم يخل بالقيام صحت على الأصح وقطع به الجمهور نعم تصح في السفينة السائرة بخلاف الدابة، والفرق أن الخروج من السفينة في أوقات الصلاة إلى البر متعذر أو متعسر بخلاف الدابة ولو خاف من النزول عن الدابة انقطاعاً عن رفقته أو كان يخاف على نفسه أو ماله صلى عليها وأعاد.

[قال الشيخ صالح بن فوزان: "ومن أهل الأعذار الراكب إذا كان يتأذى بنزوله للصلاة على الأرض بوحل أو مطر , أو يعجز عن الركوب وإذا نزل , أو يخشى فوات رفقته إذا نزل , أو يخاف على نفسه إذا نزل من عدو أو سبع , ففي هذه الأحوال يصلي على مركوبه ; من دابة وغيرها , ولا ينزل إلى الأرض ; لحديث يعلى بن مرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه , وهو على راحلته , والسماء من فوقهم , والبلة من أسفل منهم , فحضرت الصلاة , فأمر المؤذن فأذن وأقام , ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته , فصلى بهم يومئ إيماء ; يجعل السجود أخفض من الركوع " رواه أحمد والترمذي .]

واعلم أن القادر على يقين القبلة لا يجوز له الاجتهاد، 
وأما غير القادر على اليقين فإن وجد من يخبره عنها عن علم ولم يجتهد بشرط عدالة المخبر، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحر والعبد 
  • فلا يقبل قول الكافر قطعاً 
  • وكذا الفاسق كقضاة الرشا وأئمة الظلم وشهود قسم الجور 
  • وكذا لا يقبل قول الصبي المميز على الصحيح، 
ثم المخبر قد يكون اللفظ، وقد يكون دلالة كالمحراب المعتمد، وسواء في العمل بالخبر أهل الاجتهاد وغيرهم حتى إن الأعمى يعتمد المحراب بالمس حيث يعتمد البصير 
وكذا البصير في الظلمة 
ولو اشتبه عليه مواضع فلا شك أنه يصبر حتى يخبره غيره صريحاً، 
فإن خاف فوات الوقت صلى على حسب حاله وأعاد هذا كله إذا وجد من يخبره عن علم وهو ممن يعتمد قوله 
أما إذا لم يجد العاجز من يخبره فتارة يقدر على الاجتهاد وتارة لا يقدر 
فإن قدر لزمه الاجتهاد واستقبل ما ظنه القبلة. ولا يصح الاجتهاد إلا بأدلة القبلة وهي كثيرة وأضعفها الرياح لاختلافها، وأقواها القطب، وهو نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي إذا جعله الواقف خلف أذنه اليمنى كان مستقبل القبلة إن كان بناحية الكوفة وبغداد وهمدان وجرجان وما والاها ويكون على عاتقه الأيسر بأقليم مصر ويكون خلف ظهره بدمشق، 

وليس للقادر على الإجتهاد تقليد غيره فإن فعل وجب قضاء الصلاة وسواء خاف خروج الوقت أم لا فإن ضاق الوقت صلى كيف كان وتجب الإعادة هذا هو الصحيح، 
وقيل يقلد عند خوف الفوات 

ولو خفيت الأدلة على المجتهد لغيم أو ظلمة أو تعارضت الأدلة ففيه خلاف منتشر ملخصه قولان: أظهرهما لا يقلد. قال إمام الحرمين: ومحل الخلاف عند ضيق الوقت، أما إذا لم يضق فلا يقلد قطعاً لعدم الحاجة، هذا في القادر 

أما إذا لم يقدر على الاجتهاد بأن كان عاجزاً عن أدلة القبلة كالأعمى والبصير الذي لا يعرف الأدلة ولا له أهلية معرفتها وجب عليه تقليد مسلم عدل بالأدلة سواء فيه الرجل والمرأة والحر والعبد. 

واعلم أن التقليد هو قبول قول المستند إلى الاجتهاد فلو قال بصير: رأيت القطب أو رأيت الخلق الكثير من المسلمين يصلون إلى هنا كان الأخذ به قبول خبر لا تقليد لأنه لم يستند إلى اجتهاد بل إلى الرؤية، 

ولو اختلف عليه اجتهاد مجتهدين قلد من شاء منهما على الصحيح والأولى تقليد الأوثق الأعلم، وقيل يجب ذلك ورجحه الرافعي في الشرح الصغير قاله ابن الرفعة ونقله القاضي أبو الطيب عن نص الشافعي في الأم 
قال ابن الرفعة: لكن الأكثرون على التخيير، 

واعلم أن المصلي بالاجتهاد إذا ظهر له الخطأ في الإجتهاد فإن كان قبل الشروع في الصلاة أعرض عنه واعتمد الجهة التي يعلمها أو يظنها 
فإن تساوت عنده جهتان فله الخيار فيهما على الأصح 
ولو تيقن الخطأ بعد الفراغ من الصلاة وجبت الإعادة على الأظهر لفوات الاستقبال وقيل لا يعيد اعتباراً بما ظنه وقت الفعل لأنه مأمور بالصلاة به، والأول مذهب الفقهاء والثاني مذهب المتكلمين، 
ولو تيقن الخطأ ولم يتيقن الصواب بل ظنه فلا إعادة عليه لأن الأول مجتهد فيه والثاني مجتهد فيه ولا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد حتى لو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات باجتهادات فلا إعادة عليه على الصحيح ولو تيقن الخطأ في أثناء الصلاة بطلت على الأظهر، أو ظن الخطأ فالأصح أنه ينحرف ويبني على صلاته حتى لو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات باجتهادات فلا قضاء ولو صلى باجتهاد ثم أراد صلاة فريضة أخرى حاضرة أو فائتة وجب الاجتهاد على الأصح سعياً في إصابة الحق ولا يحتاج إلى إعادة الاجتهاد للنافلة قطعاً قال في الروضة: ولو اجتهد اثنان وأدى اجتهاد كل واحد منهما إلى جهة عمل كل منهما باجتهاده ولا يقتدي بصاحبه لأن كلا منهما يعتقد خطأ صاحبه كما لو اختلف اجتهادهما في الإنائين أو الثوبين المتنجس أحدهما، ولو شرع في الصلاة بالتقليد فقال له عدل: أخطأ بك فلان فإن كان يخبر عن علم ومعاينة وجب الرجوع إلى قوله وإن كان يخبر عن اجتهاد فإن كان قول الأول عنده أرجح لزيادة عدالته أو هدايته للأدلة أو هو مثله أو لم يعرف أنه مثله أم لا لم يجب عليه العمل بقول الثاني ولا يجوز على الصحيح، وإن كان الثاني أرجح تحول وبنى على الصحيح

كتغير اجتهاده ولو قال له المجتهد الثاني ذلك بعد الفراغ من الصلاة لم تلزمه الاعادة قطعاً وإن كان الثاني أرجح كما لو تغير اجتهاده بعد الفراغ ولو قال له الثاني: أنت على خطأ قطعاً وجب قبوله قطعاً سواء أخبره هذا القاطع بالخطأ عن الصواب متيقناً أو م جتهداً يجب قبوله لأن تقليد الأول بطل بقطع هذا والله أعلم.


21-02-2013
قال:
(ويجوز ترك الاستقبال في حالتين: في شدة الخوف). 

إذا التحم القتال ولم يتمكنوا من تركه بحال لقلتهم وكثرة العدو أو اشتد الخوف ولم يلتحم القتال ولم يأمنوا أن يركب العدو أكتافهم لو 

ولوا انقسموا وصلوا بحسب الامكان وليس لهم التأخير عن الوقت للآية الشريفة الدالة على إقامة الصلاة في وقتها ويصلون ركباناً ومشاة مستقبلي القبلة وغير مستقبليها لقوله تعالى {فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً
قال ابن عمر رضي الله عنهما في تفسيرها: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها كذا رواه مالك عن نافع. 
قال نافع: لا أراه قال ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
قال الماوردي: وقد رواه الشافعي بسنده عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، 
ولأن الضرورة قد تدعو إلى الصلاة على هذه الحالة ولا يجب الاستقبال لا في حال التحريم ولا في غيره وإن كان راجلاً قاله البغوي وغيره ولا إعادة عليه. 

واعلم أنه إنما يعفى عن ترك الاستقبال إذا كان بسبب العدو فلو انحرف عن القبلة لجماح الدابة وطال الزمن بطلت الصلاة ولو لم يتمكن من اتمام الركوع والسجود اقتصر على الإيماء ويجعل السجود أخفض من الركوع، ويجب الاحتراز عن الصياح بكل حال لعدم الحاجة إليه ولو احتاج إلى الفعلات الكثيرة كالطعنات والضربات المتوالية فعل ولا تبطل صلاته على الصحيح كما لو اضطر إلى المشي وقيل تبطل ونص عليه الشافعي. 

وقوله: "في شدة الخوف" يشمل كل ما ليس بمعصية من أنواع القتال فيجوز في قتال الكفار، ولأهل العدل في قتال البغاة، وفي قتال قطاع الطريق ولا يجوز للبغاة ولا لقطاع الطريق ذلك لعصيانهم فلا يخفف عنهم ولو قصد شخص نفس شخص أو حريمه أو نفس غيره أو حريمه واشتغل بالدفع عن ذلك صلى على هذه الحالة ولو قصد ماله نظر إن كان حيواناً صلى كذلك وإن لم يكن حيواناً فقولان، والأظهر الجواز، 
ويشمل مطلق الخوف ما لو هرب من سيل أو حريق ولم يجد معدلاً عنه ولو كان على شخص دين وهو معسر وعاجز عن بينة الاعسار ولا يصدقه المستحق ولو ظفر به حبسه فله أن يصلي هارباً على المذهب

ولو كان عليه قصاص ويرجو العفو إذا سكن الغضب قال الأصحاب: له الهرب وله أن يصلي صلاة شدة الخوف في هربه واستبعد الامام جواز هربه بهذا التوقع 
ولو ضاق الوقت على المحرم وخاف إن صلى مستقراً فات الوقوف بعرفة ففيه أو جه: الذي رجحه الرافعي أنه يصلي مستقراً وإن فات الوقوف، والثاني يصلي صلاة شدة الخوف جمعاً بينهما، والثالث يؤخر الصلاة ويحصل الوقوف لأن قضاء الحج صعب. قال النووي: إن الثالث هو الصواب وما رجحه الرافعي ضعيف والله أعلم. 

قال:
(وفي النافلة في السفر على الراحلة). 

يجوز للمسافر التنفل راكباً وماشياً إلى جهة مقصده في السفر الطويل على المذهب، أما في الراكب فلما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم {يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به} وفي رواية البخاري {يصلي على راحلته حيث توجهت به} وإذا أراد الفريضة نزل عن راحلته فاستقبل، 
والسبب في ذلك أن الناس محتاجون إلى الأسفار ولهم أوراد وقصد في النافلة فلو شرط الاستقبال في التنفل لأدى إلى ترك أورادهم أو ترك مصالح معايشهم، 
وأما الماشي فبالقياس على الراكب لوجود المعنى 
ثم هذا في الراكب الذي لا يمكنه إتمام الركوع والسجود فإن أمكن بأن كان في مرقد كالمحارة ونحوها لزمه ذلك لأنه لا مشقة عليه كراكب السفينة، 
وأما من لا يمكنه ذلك ففي وجوب الاستقبال وقت التحرم أو جه: 
الصحيح إن سهل عليه ذلك بأن كان الزمام في يده وهي سهلة الانقياد أو كانت قائمة وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها لزمه ذلك وغير السهلة بأن تكون مقطورة أو صعبة الانقياد، واحتج لذلك بأنه عليه الصلاة والسلام {كان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة وكبر وصلى حيث وجه ركابه} رواه أبو داود من رواية أنس بإسناد حسن، والمعنى فيه وقوع أول العبادة بالشروط والباقي يقع تبعاً كالنية يجب ذكرها في أول الصلاة ويكفي دوامها حكماً لا ذكراً للعسر، وإذا شرطنا الاستقبال عند الاحرام لم يشترط عند السلام على الراجح كما في سائر الأركان ثم مهما أمكنه الاستقبال في الصلاة وجب بأن وقفت الدابة لحاجة سواء في ذلك وقت التحرم أو غيره فاعرفه. 
واعلم أن صوب مقصد المسافر هو قبلته فلو انحرف عنه بطلت صلاته لأنه لا حاجة له في ذلك وإن انحرف ناسياً وعاد عن قرب لم تبطل صلاته وكذا لو غلط في الطريق ولو انحرف بجماح الدابة وطال الزمان بطلت صلاته على الصحيح كما لو أماله شخص عن صوب مقصده وإن قصر لم تبطل صلاته لعموم الجماح وإذا لم تبطل في صورة النسيان فإن طال الزمان سجد للسهو وإلا فلا. واعلم أنه لا يجب على الراكب وضع جبهته على عرف الدابة ولا على السرج وإلاكاف بل ينحني للركوع والسجود أخفض ليحصل التمييز بينهما وهو واجب عند التمكن، نعم الراكب في مرقد ونحوه مما يسهل فيه الاستقبال وكذا إتمام الأركان فيجب عليه الاستقبال في جميع الصلاة وكذا اتمام الأركان لقدرته هذا في الراكب. 

أما الماشي ففيه أقوال أظهرها أنه يركع ويسجد على الأرض وله التشهد ماشياً لطوله كالقيام 

ويشترط أن يكون ما يلاقي بطن المصلي على الراحلة طاهراً 
فلو وطئت الدابة النجاسة لم يضر وكذا لو أوطأها على الأصح، ولو وطىء الماشي نجاسة عمداً بطلت صلاته، نعم لا يكلف التحفظ والاحتياط في المشي للمشقة. 

واعلم أنه يشترط في جواز التنفل راكباً وماشياً دوام السفر والسير 
فلو وصل المنزل في خلال الصلاة اشترط اتمامها إلى القبلة متمكناً وينزل إن كان راكباً وكذا لو وصل مكان اقامته وجب عليه النزول واتمام الصلاة مستقبل اً بأول دخول البنيان وحكم نية الاقامة كحكم من وصل منزل اقامته والله أعلم.
 
[فرع]: يشترط في حق الراكب والماشي الاحتراز عن الأفعال التي لا يحتاج إليها فلو ركض الدابة لحاجة فلا بأس ولو أجراها بلا عذر أو كان ماشياً فقعد بلا عذر بطلت على الراجح والله أعلم.
[فرع]: راكب التعاسيف وهو الهائم الذي ليس له مقصد معين بل يستقبل القبلة مرة ويستدبرها أخرى ليس له ترك الاستقبال في شيء من نافلته.
[فرع]: راكب السفينة لا يجوز له التنفل فيها إلى غير القبلة لتمكنه من ذلك. نص عليه الشافعي كالراكب في المحفة، وهل يستثنى الملاح ويتنفل حيث توجه لحاجته إلى ذلك؟ رجح الرافعي عدم استثنائه صرح بذلك في الشرح الصغير، وقال: لا فرق
بينه وبين غيره، ورجح النووي بأنه يستثنى قال: ولا بد من استثنائه لحاجته لأمر السفينة والله أعلم.


الشرط السادس: السكوت عن الكلام 
  •  [عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال: قال رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-  « إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شىء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ». رواه مسلم]
  • عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِى الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِى الصَّلاَةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلاَمِ. متفق عليه

فالمتكلم إن كان غير معذور ونطق بحرف مفهم مثل ق وش تبطل وإن نقط بحرفين بطلت أفهم كقم أو لا كمن وعن وبطلانها بالثلاثة فصاعداً أولى ولا فرق في البطلان بين أن يكون لمصلحة الصلاة كقوله للإمام قم أم لا، ولو نطق بحرف بعده مدة فالأصح بطلانها لأن المدة حرف، وفي التنحنح خلاف الراجح أنه إن بان منه حرفان بطلت وإلا فلا هذا إذا كان بغير عذر فإن كان مغلوباً فلا بأس ولو تعذرت القراءة الواجبة إلا بالتنحنح تنحنح وهو معذور وإن تعذر الجهر فالراجح أنه ليس بعذر ولو تنحنح الامام وظهر منه حرفان فهل للمأموم أن يدوم على متابعته وجهان الراجح نعم والظاهر أنه معدود، وأما الضحك والبكاء والأنين منه حرفان بطلت وإلا فلا، وسواء كان البكاء للدنيا وللآخرة، وإن تكلم المصلي وهو معذور كمن سبق لسانه إلى الكلام بلا قصد أو غلبه السعال أو الضحك وبان منه حرفان أو تكلم ناسياً أو جاهلاً بتحريم الكلام وهو قريب عهد بالإسلام فإن كان يسيراً لم تبطل صلاته وإن كثر بطلت على الأصح والقلة والكثرة يرجع فيهما إلى العرف وضم إلى ذلك في شرح المهذب كثرة العطاس، وقال: إنه يبطل، ولو جهل كون التنحنح مبطلاً فهو معذور لخفاء حكمه على العوام ولو أكره على الكلام بطلت صلاته على الأظهر لأنه نادر كما لو أكره على الصلاة بلا طهارة أو على أن يصلي وهو قاعد فإنه يجب الاعادة، ولو أشرف إنسان على الهلاك فأراد انذاره ولم يحصل إلا بالكلام وجب وتبطل صلاته على الأصح لوجود الكلام ولو قال المصلي: آه من خوف النار بطلت صلاته على الصحيح.
 

الشرط السابع: الكف عن الأفعال. 

اعلم أن الفعل الزائد على الصلاة إن كان من جنسها كالركوع والسجود وزيارة ركعة إن تعمد ذلك بطلت سواء قل الزائد أو كثر 

وإن كان الفعل من غير جنس الصلاة فاتفق الأصحاب على أن القليل لا يبطل والكثير يبطل 
وفي ضبط القليل والكثير أوجه: الصحيح الرجوع فيه إلى العادة، فلا يضر ما عده الناس قليلاً كالإشارة برد السلام وخلع النعل ونحوهما 
ثم قالوا: الفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل قطعاً والثلاث كثيرة قطعاً والاثنتان قليل على الأصح 
واتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا توالى فإن تفرق بأن خطا خطوة ثم بعد زمن خطوة أخرى وكرر ذلك مرات فلا يضر قطعاً قاله في الروضة، ويشهد له حديث أمامه رضي الله عنها، عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ رُكُوعًا فَرَكَعَ ثُمَّ دَبَّ حَتَّى وَصَلَ الصَّفَّ. [أخرجه الإمام مالك في الموطأ]
فلو تردد في فعل هل وصل إلى حد الكثرة أم لا قال الإمام: الأظهر أنه لا يؤثر لأن الأصل عدم الكثرة وعدم بطلان الصلاة، ثم حد التفريق أن يعد الثاني منقطعاً عن الأول. 
واعلم أن شرط الفعلة الواحدة التي لا تبطل أن لا تتفاحش فإن أفرطت كالوثبة [melompat] الفاحشة أبطلت قطعاً قاله في الروضة لأنها منافية للصلاة. 

واعلم أن الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع في حكة لا تضر على الأصح وإن كثرت وتوالت لأنها لا تخل بهيئة تعظيم الصلاة ولا بالخشوع، 
أما لو حرك كفه ثلاثاً على بدنه يهترش [menumbuk] فإن صلاته تبطل قال في الكافي: إلا أن يكون به جرب لا يقدر معه على عدم الحك فيعذر. 

واعلم أن كثير الفعل حيث أبطل عند العمد فكذا يبطل عند فعله سهواً على المذهب لأنه يقطع نظم الصلاة والله أعلم.
 

الشرط الثامن: الامساك عن الأكل 

فإن أكل المصلي شيئاً بطلت صلاته وإن قل، لأنه ينافي الخشوع 
وفي وجه لا تبطل بالقليل وهو غلط 
ولو كان بين أسنانه شيء فابتلعه أو نزلت من رأسه نخامة فابتلعها عامداً بطلت صلاته 
فإن كان مغلوباً بأن جرى الريق بباقي الطعام أو نزلت النخامة ولم يمكنه امساكها لم تبطل صلاته لأن معذور، 
وإن أكل ناسياً أو جاهلاً بالتحريم فإن قل لم تبطل وإن كثر بطلت صلاته على الأصح. 
واعلم أن المضغ وحده فعل يبطل كثيره الصلاة وإن لم يصل شيء إلى الجوف 
ولو كان بفمه عقيدة فذابت ونزل إلى جوفه منها شيء بطلت صلاته وإن لم يحصل منه فعل لوصول المفطر إلى جوفه ويعبر عن هذا بأن الامساك شرط في الصلاة ليكون حاضر

الذهن تاركاً للأمور العادية فعلى هذا تبطل الصلاة بكل ما يبطل به الصوم فلو نكش أذنه بشيء وأدخله باطن أذنه بطلت صلاته والله أعلم.