26-09-2013
[القصر في الصلاة]
________________________________________________
(فصل):
ويجوز للمسافر قصر الصلاة الرباعية بأربعة شرائط: أن يكون سفره في غير معصية).
________________________________________________
لا شك أن السفر غالباً وسيلة إلى الخلاص من مهروب
أو الوصول إلى مطلوب والسفر مظنة المشقة وهي تجلب التيسير. فلهذا حط من الصلاة
الرباعية ركعتان،
والكتاب والسنة وإجماع الأمة على جواز القصر في السفر المباح
الطويل، وفي قصر المقضية خلاف وتفصيله يأتي إن شاء الله تعالى.
- قال الله تعالى: "وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم" الآية، والضرب في الأرض السفر،
- وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ركعتين ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين"
- وقال ابن عمر: "سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين"
[شروط السفر]
[الشرط الأول: أن يكون في غير معصية]
ثم شرط السفر أن يكون في غير معصية فيشمل الواجب كسفر الحج وقضاء الديون ونحوهما، ويشمل المندوب كحج التطوع وصلة الرحم ونحوهما ويشمل المباح كسفر التجارة والتنزه ويشمل المكروه كسفر المنفرد عن رفيقه. قال الشيخ أبو محمد: ومن الأغراض الفاسدة طواف الصوفية لرؤية البلاد والأقاليم
قال الإمام: ولا يشترط كون السفر طاعة باتفاق وعن صاحب التلخيص اشتراط
الطاعة،
واحترز الشيخ بقوله ["في غير معصية"] عن سفر المعصية كالسفر لقطع الطريق، وأخذ المكوس، وجلب الخمر والحشيش، ومن تبعثه الظلمة في أخذ الرشا والجبايات، وسفر
المرأة بغير إذن زوجها، وسفر العبد الآبق، وسفر المديون القادر على الوفاء بغير إذن
صاحب الدين، ونحو ذلك فهؤلاء وأشباههم لا يترخصون بالقصر العاصي بسفره لا يجمع بين
الصلاتين، ولا يتنفل على الراحلة، ولا يمسح ثلاثة أيام، ولا يأكل الميتة عند الاضطرار، قال في شرح المهذب: بلا خلاف، وفي الروضة حكاية خلاف في أكل الميتة ولا معول عليه،
ولو وجد ظالماً في مفازة فلا يسقيه وإن مات أفتى بذلك سفيان الثوري لتستريح منه
البلاد والعباد والشجر والدواب، وهي مسألة مهمة نفيسة،
واحترز الشيخ "بالصلاة
الرباعية" عن المغرب والصبح فإنهما لا يقصران
قال الرافعي والنووي: بالإجماع لكن
نقل العبادي عن محمد بن نصر المروزي المؤذن من أصحابنا أنه يجوز قصر الصبح إلى
ركعة في الخوف كمذهب ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم.
10-10-2013
________________________________________________
قال: (وأن تكون مسافته ستة عشر فرسخاً)
________________________________________________
[الشرط الثاني: كون السفر وهو ستة عشر فرسخاً]
يشترط في جواز القصر كون السفر وهو ستة عشر فرسخاً
كما ذكره الشيخ، وهو ثمانية وأربعون ميلاً بالهاشمي، وهي أربعة برد أعني الفراسخ وهي
مسيرة يومين معتدلين وهذا الضبط تحديدي على الراجح،
[قال ابن العثيمين: "والبرد":
جمع بريد، والبريد نصف يوم وسمّي بريداً، لأنه فيما سبق كانوا إذا أرادوا
المراسلات السريعة يجعلونها في البريد، فيرتبون بين كل نصف يوم مستقراً ومستراحاً
يكون فيه خيل إذا وصل صاحب الفرس الأول إلى هذا المكان نزل عن الفرس لتستريح، وركب
فرساً آخر إلى مسيرة نصف يوم، فيجد بعد مسيرة نصف يوم مستراحاً آخر فيه خيل ينزل
عن الفرس التي كان راكبها ثم يركب آخر، وهكذا لأن هذا أسرع وفي الرجوع بالعكس،
فالبريد: عندهم مسيرة نصف يوم فتكون أربعة البرد يومين، وقدروه بالمساحة الأرضية
بأربعة فراسخ، فتكون أربعة برد ستة عشر فرسخاً،
والفرسخ: قدّروه بثلاثة أميال،
فتكون ثمانية وأربعين ميلاً، هذا هو مسافة القصر فهو مقدر بالمسافة،
والميل
المعروف = كيلو وستمائة متر.
وأما في الزمن فقالوا: إن مسيرته يومان قاصدان بسير الإِبل المحملة.
وقوله: «أربعة برد»
يقتضي أن ما دونها ولو بشبر واحد لا يبيح القصر، وما بلغها فهو سفر قصر يترخص فيه
ولو قطعه بنصف ساعة أو أقل ولو رجع في ساعته، وهذا هو الذي عليه أكثر العلماء.
والصحيح: أنه لا حد للسفر
بالمسافة؛
لأن التحديد كما قال صاحب
المغني: «يحتاج إلى توقيف، وليس لما صار إليه المحددون حجة، وأقوال الصحابة
متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، ولأن التقدير مخالف لسنة النبي صلّى
الله عليه وسلّم ولظاهر القرآن، ولأن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه
برأي مجرد، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإِجماع على خلافه».اهـ.
والتوقيف معناه الاقتصار
على النص من الشارع، والله عزّ وجل يعلم أن المسلمين يسافرون في الليل والنهار ولم
يرد حرف واحد يقول: إن تحديد السفر مسافته كذا وكذا، ولم يتكلم أحد من الصحابة
بطلب التحديد في السفر، مع أنهم في الأشياء المجملة يسألون النبي صلّى الله عليه
وسلّم عن تفسيرها وبيانها، فلما لم يسألوا علم أن الأمر عندهم واضح، وأن هذا معنى
لغوي يرجع فيه إلى ما تقتضيه اللغة وإذا كان كذلك ننظر هل للسفر حد في اللغة
العربية؟ ففي مقاييس اللغة لابن فارس: ما يدل على أنه مفارقة مكان السكنى.
وإذا كان لم يرو عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم تقييد السفر
بالمسافة، وليس هناك حقيقة لغوية تقيده كان المرجع فيه إلى العرف وقد ثبت في «صحيح
مسلم» عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خرج
مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلَّى ركعتين. ومعلوم أن ثلاثة فراسخ نسبتها إلى
ستة عشر فرسخاً يسيرة جداً.]
والبحر كالبر ولو حبسه الريح قال الدارمي: هو كالإقامة في البلد من غير نية.
واعلم أن مسافة الرجوع لا تحسب فلو
قصد موضعاً على مرحلة بنية أن لا يقيم فليس له أن يقصر لا ذهاباً ولا إياباً وإن
ناله مشقة مرحلتين لا يسمى طويلاً.
[قال ابن عثيمين: فالصحيح أنه لا حد للمسافة، وإنما يرجع في ذلك إلى العرف، ولكن شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إن المسافة الطويلة في الزمن القصير سفر، والإِقامة الطويلة في المسافة القصيرة سفر، فالمسألة لا تخلو من أربع حالات:
- مدة طويلة في مسافة طويلة، فهذا سفر لا إشكال فيه، كما لو ذهب في الطائرة من القصيم إلى مكة، وبقي فيها عشرة أيام.
- مدة قصيرة في مسافة قصيرة فهذا ليس بسفر، كما لو خرج مثلاً من عنيزة إلى بريدة في ضحى يوم ورجع، أو إلى الرس أو إلى أبعد من ذلك، لكنه قريب لا يعد مسافة طويلة.
- مدة طويلة في مسافة قصيرة بمعنى أنه ذهب إلى مكان قريب لا ينسب لبلده، وليس منها، وبقي يومين أو ثلاثة فهذا سفر، فلو ذهب إنسان من عنيزة إلى بريدة مثلاً ليقيم ثلاثة أيام أو يومين أو ما أشبه ذلك فهو مسافر.
- مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمَن ذهب مثلاً من القصيم إلى جدة في يومه ورجع فهذا يسمى سفراً؛ لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون.
مسألة: إن أشكل هل هذا سفر عرفاً أو لا؟ فهنا يتجاذب المسألة أصلان:
الأصل الأول: أن السفر مفارقة محل الإِقامة، وحينئذٍ نأخذ بهذا الأصل فيحكم بأنه سفر.
الأصل الثاني: أن الأصل الإِقامة حتى يتحقق السفر، وما دام الإِنسان شاكاً في السفر، فهو شاك هل هو مقيم أو مسافر؟ والأصل الإِقامة، وعلى هذا فنقول في مثل هذه الصورة: الاحتياط أن تتم؛ لأن الأصل هو الإِقامة حتى نتحقق أنه يسمى سفراً. ]
فإذا كان السفر مريحاً على إبلٍ مريحة وعلى أوقات مريحة، فالقصر مشروع، وهكذا الآن في السيارات والطائرات والقطارات والمركبات الفضائية كلها طريق واحد، يشرع القصر ويشرع الجمع للمسافر ولو كان في غاية الراحة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين شرع ذلك لم يقيد، والله في كتابه العزيز لم يقيد بالمشقة، فعلم بذلك أن المسافر يقصر، ويجمع ويفطر، وإن كان سفره مريحاً في السيارة أو في الطائرة أو في غير ذلك، والحمد لله على كل حال. جزاكم الله خيراً]
واعلم أيضاً أنه لا بد للمسافر من ربط قصده بموضع معلوم فلا يقصر الهائم وإن طال سفره ويسمى هذا أيضاً راكب التعاسيف.
[فرع]:
نوى مسافة القصر ثم نوى بعد خروجه أنه إن وجد
فلاناً رجع وإلا مضى فالأصح أنه يترخص ما لم يلقه فإذا لقيه خرج عن السفر وصار
مقيماً،
ولو نوى خروجه أنه إذا وصل بلد كذا والبلد في وسط الطريق أقام أربعة أيام فأكثر: فإن كان من موضع خروجه إلى المقصد الثاني مسافة القصر ترخ، وإن كان أقل ترخص أيضاً على الأصح والله أعلم.
ولو نوى خروجه أنه إذا وصل بلد كذا والبلد في وسط الطريق أقام أربعة أيام فأكثر: فإن كان من موضع خروجه إلى المقصد الثاني مسافة القصر ترخ، وإن كان أقل ترخص أيضاً على الأصح والله أعلم.
________________________________________________
قال: (وأن يكون مؤدياً للصلاة الرباعية وأن ينوي القصر مع الإحرام).
________________________________________________
حجة كون الصلاة التي تقصر أن تكون مؤداة لما مر من
الأدلة،
أما المقضية فإن فاتت في الحضر وقضاها في السفر
[القول الأول] وجب عليه الإتمام لأنها ترتبت في ذمته أربعاً، وادعى ابن المنذر والإمام أحمد الإجماع على ذلك،
[القول الثاني] وقال المزني: وله قصرها، وحكى الماوردي وجهاً مثله، لأن الاعتبار بوقت القضاء كما لو ترك صلاة في الصحة له قضاؤها في المرض قاعداً،
والقائلون بالمذهب فرقوا بأن المرض حالة ضرورة فيحتمل فيه ما لا يحتمل في السفر لأنه رخصة، ألا ترى أنه
وإن فاتت الصلاة في السفر قضاها في السفر أو في الحضر فهل يقصرها؟ فيه أقوال أظهرها إن قضاها في السفر قصر
وإن تخللت إقامته وإن قضاها في الحضر أتم هذا ما صححه الرافعي والنووي، وصحح ابن الرفعة الإتمام مطلقاً
ولو شك هل فاتت في الحضر أو في السفر لم يقصر،
ويشترط أن تكون نية القصر وقت التحريم بالصلاة كنيته
ولا يشترط دوام ذكرها للمشقة، نعم يشترط الانفكاك عما يخالف الجزم بالنية، فلو نوى القصر ثم نوى الإتمام وكذا لو تردد بين أن يقصر أو يتم أتم،
ولو شك هل نوى القصر أم [نوى التام] لزمه الاتمام، وإن تذكر في الحال أنه نوى القصر لأنه بالتردد لزمه الإتمام.
[قال ابن العثيمين:
والقول الثاني في المسألة:
أنه يقصر وإن لم ينوِ القصر، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر، وهذا يقع كثيراً يكبّر الإِنسان في الصلاة الرباعية، وهو مسافر ولا يخطر على باله القصر، لكن بعدما يكبّر ويقرأ الفاتحة أو يركع أو ما أشبه ذلك يذكر أنه مسافر فينوي القصر، فعلى المذهب يجب عليه الإِتمام.
والصحيح: أنه لا يلزمه الإِتمام، بل يقصر؛ لأنه الأصل، وكما أن المقيم لا يلزمه نية الإِتمام، كذا المسافر لا يلزمه نية القصر.]
واعلم أن للقصر أربعة شروط:
أحدهما: النية كما ذكره الشيخ.
الثاني: أن يكون مسافراً من أول الصلاة إلى آخرها، فلو نوى الإقامة في أثنائها أو انتهت به السفينة إلى دار الإقامة لزمه الإتمام.
الثالث: أن يعلم بجواز القصر فلو جهل جوازه فقصر لم تصح صلاته لتلاعبه، نص عليه الشافعي في الأم.
قال النووي: ويلزمه إعادة هذه الصلاة أربعاً.
الشرط الرابع: أن لا يقتدي بمقيم أو بمتم في جزء من صلاته فإن فعل لزمه الإتمام،
24-10-2013
ولو صلى الظهر خلف من يصلي الصبح مسافراً كان أو مقيماً لم يجز له القصر على الأصح لأنها صلاة لا تقصر
ولو صلى الظهر خلف من يصلي الجمعة فالمذهب أنه لا يجوز له القصر ويلزمه الإتمام وسواء كان إمام الجمعة مسافراً أو مقيماً
ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يصلي القصر مقصورة جاز والله أعلم.
أما المقضية فإن فاتت في الحضر وقضاها في السفر
[القول الأول] وجب عليه الإتمام لأنها ترتبت في ذمته أربعاً، وادعى ابن المنذر والإمام أحمد الإجماع على ذلك،
[القول الثاني] وقال المزني: وله قصرها، وحكى الماوردي وجهاً مثله، لأن الاعتبار بوقت القضاء كما لو ترك صلاة في الصحة له قضاؤها في المرض قاعداً،
والقائلون بالمذهب فرقوا بأن المرض حالة ضرورة فيحتمل فيه ما لا يحتمل في السفر لأنه رخصة، ألا ترى أنه
- لو شرع في الصلاة قائماً ثم طرأ المرض، له أن يقعد
- ولو شرع في الصلاة في الحضر ثم سافرت به السفينة لم يكن له أن يقصر
وإن فاتت الصلاة في السفر قضاها في السفر أو في الحضر فهل يقصرها؟ فيه أقوال أظهرها إن قضاها في السفر قصر
وإن تخللت إقامته وإن قضاها في الحضر أتم هذا ما صححه الرافعي والنووي، وصحح ابن الرفعة الإتمام مطلقاً
ولو شك هل فاتت في الحضر أو في السفر لم يقصر،
[الشرط الثالث: أن ينويه]
واعلم أن شرط القصر أن ينويه لأن الأصل الإتمام، فإذا لم ينو القصر انعقد إحرامه على الأصلويشترط أن تكون نية القصر وقت التحريم بالصلاة كنيته
ولا يشترط دوام ذكرها للمشقة، نعم يشترط الانفكاك عما يخالف الجزم بالنية، فلو نوى القصر ثم نوى الإتمام وكذا لو تردد بين أن يقصر أو يتم أتم،
ولو شك هل نوى القصر أم [نوى التام] لزمه الاتمام، وإن تذكر في الحال أنه نوى القصر لأنه بالتردد لزمه الإتمام.
[قال ابن العثيمين:
والقول الثاني في المسألة:
أنه يقصر وإن لم ينوِ القصر، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر، وهذا يقع كثيراً يكبّر الإِنسان في الصلاة الرباعية، وهو مسافر ولا يخطر على باله القصر، لكن بعدما يكبّر ويقرأ الفاتحة أو يركع أو ما أشبه ذلك يذكر أنه مسافر فينوي القصر، فعلى المذهب يجب عليه الإِتمام.
والصحيح: أنه لا يلزمه الإِتمام، بل يقصر؛ لأنه الأصل، وكما أن المقيم لا يلزمه نية الإِتمام، كذا المسافر لا يلزمه نية القصر.]
واعلم أن للقصر أربعة شروط:
أحدهما: النية كما ذكره الشيخ.
الثاني: أن يكون مسافراً من أول الصلاة إلى آخرها، فلو نوى الإقامة في أثنائها أو انتهت به السفينة إلى دار الإقامة لزمه الإتمام.
الثالث: أن يعلم بجواز القصر فلو جهل جوازه فقصر لم تصح صلاته لتلاعبه، نص عليه الشافعي في الأم.
قال النووي: ويلزمه إعادة هذه الصلاة أربعاً.
الشرط الرابع: أن لا يقتدي بمقيم أو بمتم في جزء من صلاته فإن فعل لزمه الإتمام،
[قال ابن العثيمين:
- لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما جعل الإِمام ليؤتم به».
- وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا»، فيشمل كل ما أدرك الإِنسان وكل ما فاته.
- ولأن «ابن عباس سئل: ما بال الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإِمام أربعاً؟ فقال: تلك هي السنّة». ومراده بالسُّنة الشريعة الشاملة للواجب.
- ولأن الصحابة رضي الله عنهم: «كانوا يصلون خلف عثمان بن عفان وهم في سفر في منى أربعاً»، فهذه أدلة أربعة كلها تدل على أن المأموم يتبع إمامه في الإِتمام.
مسألة: إذا أدرك المسافر
من صلاة الإِمام ركعة في الصلاة الرباعية فبكم يأتي؟
الجواب: يأتي بثلاث، وإن
أدرك ركعتين أتى بركعتين، وإن أدرك ثلاثاً أتى بركعة، وإن أدرك التشهد أتى بأربع؛
لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وما فاتكم فأتموا».]
24-10-2013
ولو صلى الظهر خلف من يصلي الصبح مسافراً كان أو مقيماً لم يجز له القصر على الأصح لأنها صلاة لا تقصر
ولو صلى الظهر خلف من يصلي الجمعة فالمذهب أنه لا يجوز له القصر ويلزمه الإتمام وسواء كان إمام الجمعة مسافراً أو مقيماً
ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يصلي القصر مقصورة جاز والله أعلم.
[فرع]:
اقتدى المسافر بمن علمه أو ظنه مقيماً لزمه الإتمام
وكذا لو شك هل هو مسافر أو مقيم لزمه الإتمام
وإن اقتدى بمن علمه أو ظنه مسافراً أو علم أو ظن أنه قصر جاز له أن يقصر خلفه وكذا لو لم يدر أنه نوى القصر فلا يلزمه الإتمام بهذا التردد لأن الظاهر من حال المسافر أنه ينوي القصر وكذا لو عرض له هذا التردد في أثناء الصلاة لا يلزمه الإتمام والله أعلم.
وكذا لو شك هل هو مسافر أو مقيم لزمه الإتمام
وإن اقتدى بمن علمه أو ظنه مسافراً أو علم أو ظن أنه قصر جاز له أن يقصر خلفه وكذا لو لم يدر أنه نوى القصر فلا يلزمه الإتمام بهذا التردد لأن الظاهر من حال المسافر أنه ينوي القصر وكذا لو عرض له هذا التردد في أثناء الصلاة لا يلزمه الإتمام والله أعلم.
[قال ابن العثيمين: هذه هي المسألة
العاشرة: فإذا نوى المسافر إقامة أكثر من أربعة أيام في أي مكان كان، سواء نوى
الإِقامة في البر أو نوى الإِقامة في البلد، فيلزمه أن يتم.
مثاله: رجل سافر إلى
العمرة ونوى أن يقيم في مكة أسبوعاً فيلزمه الإِتمام؛ لأنه نوى إقامة أكثر من
أربعة أيام.
ومثال الإقامة في غير
البلد: رجل مسافر انتهى إلى غدير فأعجبه المكان فنزل، ونوى أن يبقى في هذا المكان
خمسة أيام فيلزمه أن يتم؛ لأنه نوى إقامة أكثر من أربعة أيام.
والدليل على هذا: أن
النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد الرابع من ذي الحجة،
وأقام فيها الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، وخرج يوم الخميس إلى مِنَى، فأقام
في مكة أربعة أيام يقصر الصلاة فنأخذ من هذا أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام
فإنه يقصر لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ونحن نعلم علم اليقين أن الرسول صلّى
الله عليه وسلّم قد عزم على أن يبقى هذه الأيام الأربعة؛ لأنه قدم إلى الحج، ولا
يمكن أن ينصرف قبل الحج.
فإذا قال قائل: إقامة
النبي صلّى الله عليه وسلّم هذه الأيام الأربعة هل وقعت اتفاقاً أم قصداً؟
الجواب: أنها وقعت
اتفاقاً بلا شك أي أن رحلته صلّى الله عليه وسلّم صادفت القدوم في اليوم الرابع من
ذي الحجة؛ لأنه لم يرد عنه أنه حدد يوماً معيناً للقدوم حتى نقول: إن هذا القدوم
وقع عن قصد، لكنه وقع كما يقع للمسافر، فيقدم قبل الحج بيوم أو أقل أو أكثر كما هي
العادة.
فإذا قال قائل: ألا يمكن
أن نقول: إنه لو أقام خمسة أيام أو أكثر يقصر ما دمتم قلتم: إنه وقع اتفاقاً لا
قصداً؟
قلنا: الأصل أن إقامة
المسافر في أي مكان تقطع السفر، لأن المعروف أن المسافر يسير ولا ينزل إلا ضحوة أو
عشية، أما أن ينزل أكثر من ذلك فإن هذا خلاف الأصل، فالأصل أن المسافر إذا أقام في
البلد أو في المكان غير البلد أن إقامته تقطع السفر، ولكن سمح في الأيام الأربعة؛
لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقامها وقصر فيبقى ما زاد عليها على الأصل، وهو
المنع من الترخص ووجوب الإِتمام وامتناع المسح على الخفين أكثر من يوم وليلة، ومنع
الإِفطار في رمضان، فجميع أحكام السفر تنقطع إلا حكماً واحداً فإنه يبقى وهو صلاة
الجمعة، فإن صلاة الجمعة تلزم هذا الرجل كغيره، ولا يصح أن يكون إماماً فيها، ولا
خطيباً، ولا أن يتم به العدد، فصار مسافراً من وجه، مقيماً من وجه، ففي الجمعة ليس
من المقيمين؛ لأنه لا تنعقد به الجمعة، ولا يصح أن يكون إماماً فيها ولا خطيباً،
ولا تسقط عنه، بل تجب عليه، وفيما عدا ذلك حكمه حكم المقيم، هذا تعليل كلام
المؤلف.
وهذه المسألة من مسائل
الخلاف التي كثرت فيها الأقوال فزادت على عشرين قولاً لأهل العلم، وسبب ذلك أنه
ليس فيها دليل فاصل يقطع النزاع، فلهذا اضطربت فيها أقوال أهل العلم، فأقوال
المذاهب المتبوعة هي:
أولاً: مذهب الحنابلة
رحمهم الله: كما سبق أنه إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام انقطع حكم السفر في حقه
ولزمه الإِتمام، لكن لا ينقطع بالنسبة للجمعة؛ لأن الجمعة يشترط فيها الاستيطان،
وهذا غير مستوطن، وبناء على هذا القول ينقسم الناس إلى: مسافر، ومستوطن، ومقيم غير
مستوطن.
فالمسافر أحكام السفر في
حقه ثابتة.
والمستوطن أحكام
الاستيطان في حقه ثابتة، ولا يستثنى من هذا شيء.
والمقيم غير المستوطن
تثبت في حقه أحكام السفر من وجه وتنتفي من وجه آخر، لكن هذا التقسيم يقول شيخ
الإِسلام: إنه ليس عليه دليل لا من الكتاب ولا السنّة.
ثانياً: مذهب الشافعي:
إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإِتمام، لكن لا يحسب منها يوم
الدخول، ويوم الخروج وعلى هذا تكون الأيام ستة، يوم الدخول، ويوم الخروج، وأربعة
أيام بينها.
ثالثاً: مذهب أبي حنيفة:
إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوماً أتم، وإن نوى دونها قصر.
وفيها أيضاً مذاهب أخرى
فردية، مثل ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما بأنه إذا نوى إقامة تسعة عشر
يوماً قصر، وما زاد فإنه لا يقصر.
ولكن إذا رجعنا إلى ما
يقتضيه ظاهر الكتاب والسنّة وجدنا أن القول الذي اختاره شيخ الإِسلام رحمه الله هو
القول الصحيح، وهو أن المسافر مسافر، سواء نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أو دونها.
وذلك لعموم الأدلة الدالة
على ثبوت رخص السفر للمسافر بدون تحديد، ولم يحدد الله في كتابه ولا رسوله صلّى
الله عليه وسلّم المدة التي ينقطع بها حكم السفر.
- فمن القرآن قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ} [النساء: 101] فقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} عام يشمل كل ضارب، ومن المعلوم أن الضرب في الأرض أحياناً يحتاج إلى مدة طويلة بحسب حاجته. قال الله تعالى: { عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } [المزمل: 20] فالذين يضربون في الأرض للتجارة مثلاً، هل يكفيهم أن يقيموا أربعة أيام فأقل في البلد؟ ربما يكفيهم وربما لا يكفيهم، فالتاجر قد يكفيه يوم واحد، وقد يتأخر أربعة أيام أو خمسة أيام أو عشرة أيام، وقد يطلب سلعة لا تحصل له في أربعة أيام؛ لأنه يجمعها من هنا وهناك.
- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقام عدداً مختلفة يقصر فيها: فأقام في تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، «وأقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة» وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيام يقصر الصلاة، لأن أنساً رضي الله عنه سئل كم أقمتم في مكة ـ أي: في حجة الوداع ـ قال: أقمنا بها عشراً» لأنه أضاف أيام الحج إلى الأيام الأربعة، ومن المعلوم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وخرج في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة، فتكون إقامته عشرة أيام.
فإن قال قائل: ما تقولون
في حجة من رأى أنه إذا أقام أكثر من أربعة أيام لزمه الإِتمام، وهو أن الرسول صلّى
الله عليه وسلّم أقام أربعة أيام قبل أن يخرج إلى منى؟.
فالجواب: أن هذا دليل
عليهم وليس دليلاً لهم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في اليوم الرابع
اتفاقاً، ولا أحد يشك في هذا، وهل هناك دليل على أنه لو قدم في اليوم الثالث أتم؟
بل نعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم بأن الناس يقدمون للحج قبل اليوم
الرابع، وليس كل الحجاج لا يقدمون إلا من الرابع فأكثر، بل منهم من يقدم في ذي
الحجة، وفي ذي القعدة وفي شوال، لأن أشهر الحج تبتدئ من شوال، ولم يقل للأمة من
قدم مكة قبل اليوم الرابع فليتم، ولو كانت شريعة الله أن من قدم قبل اليوم الرابع
من ذي الحجة إلى مكة لزمه أن يتم لوجب على النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يبيّنه
لدعاء الحاجة للبلاغ والتبيين، فلما لم يبين ولم يقل للناس من قدم قبل اليوم
الرابع فليتم علم أنه لا يلزمه الإِتمام، فيكون هذا الحديث دليلاً على أنه لا يلزم
الإِتمام من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام.
إذاً لا دليل على التحديد
بأربعة أيام، لأن بقاء النبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة أربعة أيام وقع مصادفة
لا تشريعاً، وهذه قاعدة، ولهذا لا يسن للحاج إذا دفع من عرفات إلى مزدلفة أن ينزل
في الطريق، ثم يبول، ثم يتوضأ وضوءاً خفيفاً، لأن هذا وقع منه صلّى الله عليه
وسلّم على سبيل الاتفاق.
وأيضاً كيف نقول: من نوى
الإِقامة ستاً وتسعين ساعة فله أن يقصر، ومن نوى الإِقامة ستاً وتسعين ساعة وعشر
دقائق فليس له أن يقصر؛ لأن الأول مسافر والثاني مقيم، أين هذا التحديد في الكتاب
والسنّة؟ والصلاة كما نعلم أعظم أركان الإِسلام بعد الشهادتين فكيف نقول للأمة:
إنَّ هذا الرجل الذي نوى إقامة ست وتسعين ساعة وعشر دقائق لو قصر لكانت صلاته
باطلة؟ فمثل هذا لا يمكن أن يترك بلا بيان، وترك البيان في موضع يحتاج إلى بيان
يعتبر بياناً، إذ لو كان خلاف الواقع والواجب لبين، وعلى هذا فنقول: إن القول
الراجح ما ذهب إليه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله من أن المسافر مسافر ما لم
ينوِ واحداً من أمرين:
1 ـ الإِقامة المطلقة.
2 ـ أو الاستيطان.
والفرق: أن المستوطن نوى
أن يتخذ هذا البلد وطناً، والإِقامة المطلقة أنه يأتي لهذا البلد ويرى أن الحركة
فيه كبيرة، أو طلب العلم فيه قوي فينوي الإِقامة مطلقاً بدون أن يقيدها بزمن أو
بعمل، لكن نيته أنه مقيم لأن البلد أعجبه إما بكثرة العلم وإما بقوة التجارة أو
لأنه إنسان موظف تابع للحكومة وضعته كالسفراء مثلاً، فالأصل في هذا عدم السفر؛
لأنه نوى الإِقامة فنقول: ينقطع حكم السفر في حقه.
أما من قيد الإِقامة بعمل
ينتهي أو بزمن ينتهي فهذا مسافر، ولا تتخلف أحكام السفر عنه.
ثم إننا إذا تأملنا القول
بأنه تنقطع أحكام السفر إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام وجدنا هذا القول
متناقضاً.
ووجه التناقض: أنه في
الجمعة في حكم المسافرين، وفي غير الجمعة في حكم المقيمين، فمثل هذه الأمور تحتاج
إلى دليل وتوضيح، ولهذا ما أحسن قول صاحب المغني رحمه الله لما ذكر أن تحديد السفر
بالمسافة مرجوح قال: إن التحديد توقيف، أي: أنه حد من حدود الله يحتاج إلى دليل،
فأي إنسان يحدد شيئاً أطلقه الشارع فعليه الدليل، وأي إنسان يخصص شيئاً عمّمه
الشارع فعليه الدليل، لأن التقييد زيادة شرط، والتخصيص إخراج شيء من نصوص الشارع،
فلا يحل لأحد أن يضيف إلى ما أطلقه الشارع شرطاً يقيده، ولهذا قلنا في المسح على
الخف: إن الصحيح أنه لا يشترط فيه ما يشترطه الفقهاء من كونه ساتراً لمحل الفرض
بحيث لا يتبين فيه ولا موضع الخرز، وقلنا: إن ما سمي خفاً فهو خف، سواء كان مخرقاً
أو رقيقاً أو ثخيناً أو سليماً.
ولنا في هذا رسالة بيّنّا
فيها من اختار هذا القول من العلماء أمثال: شيخ الإِسلام ابن تيمية، وابن القيم،
والشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وشيخنا عبد الرحمن بن سعدي، والشيخ محمد
رشيد رضا، وعلى كل حال نحن لا نعرف الحق بكثرة الرجال، وإنما نعرف الحق بموافقة
الكتاب والسنّة.]
[الجمع في الصلاة]
________________________________________________
قال: (ويجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في
وقت أيهما شاء).
________________________________________________
يجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء
جمع تقديم في وقت الأولى وجمع تأخير في وقت الثانية في السفر الطويل
ولا تجمع الصبح إلى غيرها ولا العصر إلى المغرب، والأصل في ذلك
ثم لجمع التقديم ثلاثة شروط:
أحدها: أن يبدأ بالأولى بأن يصلي الظهر قبل العصر والمغرب قبل العشاء لأن الوقت للأولى والثانية تبع لها والتابع لا يتقدم على المتبوع فلو بدأ بالثانية لم تصح ويعيده بعد الأولى.
الشرط الثاني: نية الجمع عند تحرم الأولى أو في أثنائها على الأظهر فلا يجوز بعد سلام الأولى.
الشرط الثالث: الموالاة بين الأولى والثانية لأن الثانية تابعة والتابع لا يفصل عن متبوعه ولأنه الوارد عنه عليه الصلاة والسلام ولهذا يترك الرواتب بينهما
[الفصل الطويل بين الصلاتين]
فلو وقع الفصل الطويل وبينهما امتنع ضم الثانية إلى الأولى، ويتعين تأخيرها إلى وقتها سواء طال بعذر كالسهو والإغماء وغيره أم لا،
ولا يضر الفصل القصير،
والصحيح أن الرجوع في الفصل إلى العرف، هذا في جمع التقديم
أما جمع التأخير فلا يشترط الترتيب بين الصلاتين ولا نية الجمع حال الصلاة على الصحيح ولا الموالاة،
نعم يجب أن ينوي في وقت الأولى كون التأخير لأجل الجمع تمييزاً عن التأخير متعدياً، ولئلا يخلو الوقت عن الفعل أو العزم فإن لم ينو عصى وصارت الأولى قضاء والله أعلم.
ولا تجمع الصبح إلى غيرها ولا العصر إلى المغرب، والأصل في ذلك
- ما رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فأخر الصلاة يوماً ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً"
ثم لجمع التقديم ثلاثة شروط:
أحدها: أن يبدأ بالأولى بأن يصلي الظهر قبل العصر والمغرب قبل العشاء لأن الوقت للأولى والثانية تبع لها والتابع لا يتقدم على المتبوع فلو بدأ بالثانية لم تصح ويعيده بعد الأولى.
الشرط الثاني: نية الجمع عند تحرم الأولى أو في أثنائها على الأظهر فلا يجوز بعد سلام الأولى.
الشرط الثالث: الموالاة بين الأولى والثانية لأن الثانية تابعة والتابع لا يفصل عن متبوعه ولأنه الوارد عنه عليه الصلاة والسلام ولهذا يترك الرواتب بينهما
[الفصل الطويل بين الصلاتين]
فلو وقع الفصل الطويل وبينهما امتنع ضم الثانية إلى الأولى، ويتعين تأخيرها إلى وقتها سواء طال بعذر كالسهو والإغماء وغيره أم لا،
ولا يضر الفصل القصير،
- واحتج له بأنه عليه الصلاة والسلام لما جمع بنمرة أمر بالإقامة بينهما،
- ثم جمهور الأصحاب جوزوا الجمع بين الصلاتين بالتيمم وفيه فصل مع نوع طلب للماء بشرط أن يكون خفيفاً،
والصحيح أن الرجوع في الفصل إلى العرف، هذا في جمع التقديم
أما جمع التأخير فلا يشترط الترتيب بين الصلاتين ولا نية الجمع حال الصلاة على الصحيح ولا الموالاة،
نعم يجب أن ينوي في وقت الأولى كون التأخير لأجل الجمع تمييزاً عن التأخير متعدياً، ولئلا يخلو الوقت عن الفعل أو العزم فإن لم ينو عصى وصارت الأولى قضاء والله أعلم.