Pages

Sunday, July 29, 2012

Berinteraksi dengan Al Qur'an التعامل مع القرآن

القرآن


المبحث الأول: تعريف القرآن
المبحث الثاني: آداب في التعامل مع القرآن
المبحث الثالث: آداب تلاوة القرآن



























































































قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الولسطية: "وَمِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ الْإِيمَانُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ ، مُنَزَّلٌ ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، مِنْهُ بَدَأَ ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ ، وَأَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً ، وَأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً ، لَا كلَامُ غَيْرِهِ .
وَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ ، أَوْ عِبَارَةٌ ، بَلْ إِذَا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ فِي الْمَصَاحِفِ ؛ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً ، فَإِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا ، لَا إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا مُؤَدِّيًا . وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ ؛ حُرُوفُهُ ، وَمَعانِيهِ ، لَيْسَ كَلَامُ اللَّهِ الْحُرُوفَ دُونَ الْمَعَانِي ، وَلَا الْمَعَانِي دُونَ الْحُرُوفِ"

قلت:
ومما يدل على ذلك :
قوله تعالى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ } [سورة التوبة: 6]

قال محمد خليل الهراس:
جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْإِيمَانَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ ، فَلَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ بِهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا بِهَا ، إِذِ الْكَلَامُ لَا يَكُونُ إِلَّا صِفَةً لِلْمُتَكَلِّمِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِمَا شَاءَ مَتَى شَاءَ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ ؛ بِمَعْنَى أَنَّ نَوْعَ كَلَامِهِ قَدِيمٌ وَإِنْ كَانَتْ آحَادُهُ لَا تَزَالُ تَقَعُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِحَسَبِ حِكْمَتِهِ .
وَقَدْ قُلْنَا فِيمَا سَبَقَ : إِنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِنَا : القْرُآنُ كَلَامُ اللَّهِ ؛ هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ ، فَتُفِيدُ أَنَّ الْقُرْآنَ صِفَةُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ ، وَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً بِأَلْفَاظِهِ وَمَعاِنيهِ ، بِصَوْتِ نَفْسِهِ .

فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ ؛ فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ ، وَنَفَى كَلَامَ اللَّهِ عَنِ اللَّهِ وَصْفًا ، وَجَعَلَهُ وَصْفًا لِمَخْلُوقٍ ، وَكَانَ أَيْضًا مُتَجَنِّيًا عَلَى اللُّغَةِ ، فَلَيْسَ فِيهَا مُتَكَلِّمٌ بِمَعْنَى خَالِقٍ لِلْكَلَامِ .

وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ الْمَوْجُودَ بَيْنَنَا حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ ؛ كَمَا تَقُولُهُ الْكُلَّابِيَّةُ ، أَوْ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْهُ ؛ كَمَا تَقُولُهُ الْأَشْعَرِيَّةُ ؛ فَقَدْ قَالَ بِنِصْفِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ ؛ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي ، فَجَعَلَ الْأَلْفَاظَ مَخْلُوقَةً ، وَالْمَعَانِيَ عِبَارَةً عَنِ الصِّفَةِ الْقَدِيمَةِ ؛ كَمَا أَنَّهُ ضَاهَى النَّصَارَى فِي قَوْلِهِمْ بِحُلُولِ اللَّاهُوتِ وَهُوَ الْكَلِمَةُ فِي النَّاسُوتِ وَهُوَ جَسَدُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ إِذْ قَالَ بِحُلُولِ الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ الصِّفَةُ الْقَدِيمَةُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَخْلُوقَةِ ، فَجَعَلَ الْأَلْفَاظَ نَاسُوتًا لَهَا .

وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ ؛ حَيْثُ تَصَرَّفَ ، فَمَهْمَا كَتَبْنَاهُ فِي الْمَصَاحِفِ ، أَوْ تَلَوْنَاهُ بِالْأَلْسِنَةِ ؛ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا ؛ لَا إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا مُؤَدِّيًا .

وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلُ السَّلَفِ : ( مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ ) ؛ فَهُوَ مِنَ الْبَدْءِ ؛ يَعْنِي : أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ ابْتِدَاءً ، لَمْ يُبْتَدَأْ مِنْ غَيْرِهِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبُدُوِّ ؛ بِمَعْنَى الظُّهُورِ ؛ يَعْنِي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَظَهَرَ مِنْهُ ، لَمْ يَظْهَرْ مِنْ غَيْرِهِ .

وَمَعْنَى : ( إِلَيْهِ يَعُودُ ) ؛ أَيْ : يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَصْفًا ؛ لِأَنَّهُ وَصْفُهُ الْقَائِمُ بِهِ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ يَعُودُ إِلَيْهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، حِينَ يُرْفَعُ مِنَ الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ ؛ كَمَا وَرَدَ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ .
قال الإمام الطاحوي: "وإن القرآن كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا وأنزله على رسوله وحيا وصدقه المؤمنون على ذلك حقا وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر حيث قال تعالى : { سأصليه سقر } فلما أوعد الله بسقر لمن قال : { إن هذا إلا قول البشر } علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر ولا يشبه قول البشر ."


المبحث الثاني: آداب في التعامل مع القرآن
  1. صحة النية
  2. تعلم العقيدة قبل تعلم القرآن
  3. الشعور بأن الآية من القرآن موجهة إليك
  4. جعل القرآن نظام الحياة
  5. التخلص من الأقفال
  6. الجد والإجتهاد في قرائته وحفظه
  7. عدم الإستعجال في قرائته وحفظه
  8.  ترك اللغو واللهو والسهو
  9.  تعلم القرآن للعمل
  10. تعظيم القرآن وتكريمه:‏
  11.  تعاهد القرآن وتكرار ختمه:‏
  12.  تدبره وتفهمه وتعقل معانيه:‏ 
  13.  العمل به واتباع أوامره واجتناب نواهيه:‏
  14. تعليمه وإقراؤه للناس:‏
  15.                      

التفصيل :

1.   صحة النية
بأن يكون النية لله، ولنيل رضى الله وحده
قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [البينة: 5].‏
‎‎ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضى الله عنه قال: قال  رسول الله صلى الله عليه وسلم ُ: « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ » . رواه البخاري.‏
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ. فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ.
وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ.
وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِى النَّارِ ».
 ( حم م ن ) عن أبي هريرة .
قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2014 في صحيح الجامع

2.   تعلم العقيدة قبل تعلم القرآن
3.   قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ( لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها ، وما ينبغي أن يقف عنده منها ، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين الفاتحة إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه ، ينثره نثر الدقل !! ). الدقل - أي التمر الرديء.

4.   الشعور بأن الآية من القرآن موجهة إليك
قال تعالى: { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}  (سورة الأنعام:19)
عن محمد بن كعب القرطبي في قوله: {لأنذركم به ومن بلغ} ، قال: من بلغه القرآن، فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم . قيل: فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
5.   جعل القرآن نظام الحياة
- لا للرقية فقط
- ولا للتجويد والترتيل
- ولا لغرض العلمية
6.   التخلص من الأقفال
قال تعالى: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } سورة محمد: 24

7.   الجد والإجتهاد في قرائته
عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : " إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار " .
قال عثمان بن عفان وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: ( لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن ... ) .

8.   عدم الإستعجال في قرائته وحفظه
وروي عن أنس رضي الله عنه أنه حفظ سورة البقرة في تسع سنين.. و ليس ذلك للإنشغال عن الحفظ أو رداءة الفهم حاشاه رضي الله عنه ولكن بسبب التدقيق والتطبيق ..

9.   ترك اللغو واللهو والسهو
وعن الفضيل بن عياض قال : " حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن " .

10.         تعلم القرآن للعمل
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( كنا نحفظ العشر آيات فلا ننتقل إلى ما بعدها حتى نعمل بهن )
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : ( إنّا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن وسهل علينا العمل به ، وإنّ من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به ) .
في الإنفاق
فيتصدق كما فعل أبو طلحة
عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال:  كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالاً وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَى وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِى كِتَابِهِ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرَحَى وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ  قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ » . فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ.

في العفو
قصة أبو بكر مع أمامة بن مسطح في عرض عائشة
قَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ - " وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى } إِلَى قَوْلِهِ { أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ } قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِى كِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. رواه مسلم
في الجهاد
قصة عمير بن الحمام
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ». قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ بَخٍ بَخٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ « فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا ». فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِى هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ - قَالَ - فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم

11.         تعظيم القرآن وتكريمه:‏
‏ يجب تعظيم القرآن الكريم وتنزيهه وصيانته وعدم الاستخفاف به، ومن مظاهر تعظيمه وتكريمه:‏
‎‎ - اجتناب الضحك والحديث في أثناء القراءة، إلا كلاماً يضطر إليه .‏
‎‎ - عدم مس المصحف لمن كان به حدث أكبر من جنابة أو حيض.‏
‎‎ - عدم توسده.‏
‎‎ - عدم بيعه لغير المسلم.‏
‎‎ - عدم السفر به إلى بلاد الكفر إذا خيف وقوعه في أيدي من لا يراعي حرمته.‏
‎‎ - منع المجنون والصبي الذي لا يميز من مسه مخافة انتهاك حرمته.‏
‎‎ -   إلى غير ذلك مما يتنافى مع حرمته وتعظيمه.‏

12.         تعاهد القرآن وتكرار ختمه:‏
- يستحب الإكثار من قراءة القرآن وتلاوته ، فقد قال تعالى مثنياً على من كان ذلك دأبه:  
 {يتلون آيات الله آناء الليل } [آل عمران: 113].‏
‎‎ وقال صلى الله عليه وسلم (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ) رواه الدارمي الترمذي، وقال حسن صحيح .‏
‎‎ - ويستحب إذا فرغ من ختم القرآن أن يشرع في أخرى عقيب الختمة، وكان ذلك دأب السلف الصالح.‏

13.         تدبره وتفهمه وتعقل معانيه:‏
- ‏ينبغي قراءة القرآن بالتدبر والتفهم، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [ص: 29].‏
‎‎ - والمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض معانيه، فكان كالمرآة يرى بها ما حَسُن من فعله وما قَبُح، فما حذّره مولاه حَذِره، وما خوّفه به من عقابه خافه، وما رغّب فيه مولاه رَغِب فيه ورجاه.‏
‎‎ - وقراءة القليل مع التدبر والتفكر فيه أفضل من قراءة الكثير من غير تدبر ولا تفكر. قال رجل لابن عباس: إني سريع القراءة، إني أقرأ القرآن في ثلاث؟ فقال ابن عباس: لأَن أقرا البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إليّ من أن أقرأ كما تقول.‏

14.         العمل به واتباع أوامره واجتناب نواهيه:‏
- ‏ إن المقصود الأهم من إنزال القرآن الكريم هو العمل به، وذلك باتباع ما يأمر به، واجتناب ما ينهى عنه.‏
‎‎ - فلا يليق بالمسلم أن يقيم حروف القرآن، ويضِّيع أحكامه وحدوده. إنه بذلك يتعرّض لسخط الله وغضبه.‏
‎‎ قال أنس رضى الله عنه: ربّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه.

15.          تعليمه وإقراؤه للناس:‏
‏ - تعليم القرآن لمن لا يعلمه من أفضل القربات والطاعات، وقد رتَّب الله عز وجل عليه الأجر الكثير، وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على معلِّم القرآن، وجعله خير الناس وأفضلهم، قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه » رواه البخاري.
‎‎ - وقد تسابق أهل الخير والصلاح إلى هذا الفضل ، فبنوا المدارس لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم، وأنفقوا الأموال الطائلة لتسهيل تعلم القرآن وحفظه على الناس، وتيسير سبله.‏
‎‎ - وقد هيأ الله سبحانه وتعالى في كل عصر وفي كل مصر من يحمل لواء تعليم القرآن الكريم وتدريسه، مصداقاً لقوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [الحجر: 9]. وهذا مظهر من مظاهر حفظه.‏
16.          

المبحث الثالث: آداب تلاوة القرآن

‏ ينبغي لقارئ القرآن أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى فيراعي الأدب مع القرآن ومع كلامه سبحانه، فمن الآداب التي ينبغي مراعاتها وتعاهدها:‏

‎‎1. الطهارة:‏
‏ - يستحب لمن أراد قراءة القرآن من ليل أونهار أن يتطهر لذلك وأن يستاك، لأن في ذلك تعظيماً للقرآن الذي هو كلام الله عز وجل، ولأن الملائكة تدنو منه عند تلاوته للقرآن.
‎‎ - ويجوز له أن يقرأ من غير طهارة، لكن لايمس المصحف بل يقرأ من حفظه.‏
‎‎ - أما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن، سواء كان آية أو أقل منها، ويرخص للحائض عند الضرورة، كخوف نسيان أو في مقام التعليم أن تقرأ القرآن وتحمله مع وجود حائل كالقفازين. ‏
‎‎ - ويباح للجنب أو الحائض إذا ظهرت عند عدم وجود الماء التيمم وقراءة القرآن والصلاة.‏

2. القراءة في مكان ملائم:‏
- ‏ يستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار، وأفضل الأماكن المسجد، لكونه جامعاً للنظافة وشرف البقعة. وتكره القراءة في مكان مستقذر، كأماكن قضاء الحاجة والمزابل ونحو ذلك.‏
- ويستحب عند القراءة أن يستقبل القبلة.‏

3.‏ الاستعاذة والبسملة:‏
‏ إذا أراد الشروع في القراءة فإنه يستحب له أن يستعيذ، لقوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } [النحل: 98]. أي: إذا أردت القراءة.‏
‎‎ - وصفة الاستعاذة المختارة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.‏
‎‎ ومن استعاذ بغيرها من الصيغ الواردة فجائز. ‏
‎‎ ويجهر بالاستعاذة إذا كان بحضرة من يسمعه، لأن الجهر بالتعوذ إظهار شعار القراءة، وحتى ينصت السامع للقراءة من أولها لئلا يفوته منها شيء.‏
‎‎ - وإذا قطع القراءة أو فصلها بفاصل وطال استأنف الاستعاذة. ‏
‎‎ - وأن يقول بعدها: بسم الله الرحمن الرحيم
‎‎ - ويستحب أن يحافظ على قراءة البسملة في أول كل سورة سوى براءة.‏

4.  حضور القلب، والخشوع والتدبر للمقروء.‏
- ‏وأن يقرأ القرآن جالساً متخشعاً بسكينة ووقار مطرقاً رأسه، ولو قرأ قائماً أو مضطجعاً أو على فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر، ولكن ذلك خلاف الأَولى.‏
- ويستحب أن يُحضر قلبه الحزن عند القراءة وأن يتباكى، وأن يتأمل مافيه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشآءُ ومن يضلل الله فماله من هاد } [الزمر: 23].‏
‎‎ فإن لم يحضره حزن وبكاء، فليبك على فقد ذلك، فإنه من أعظم المصائب.‏
‎‎ - وقد ذم الله عز وجل من استمع القرآن فلم يخشع له قلبه فقال: {أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون }. [النجم: 59-60] . ‏

5. الترتيل والتجويد:‏
- ‏يستحب للقارئ أن يرتل قراءته؛ لما فيه من التدبر والتفكر، ولأنه أقرب إلى الإجلال والتوقير، وأشد تأثيراً في القلب، قال تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا }. [المزمل: 4]. ‏
‎‎ - وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزأين في قدر ذلك الزمان بلا ترتيل .‏
‎‎ - قال رجل لابن مسعود: "إني قرأت المفصل في ركعة ، فقال ابن مسعود: هذّاً كهَذّ الشّعر؟ لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين سورتين في كل ركعة ". متفق عليه وهذا لفظ مسلم.‏

6. تحسين الصوت بالقرآن:‏
- ‏يستحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها، فإن لم يكن حسن الصوت فليحسنه ما استطاع، قال صلى الله عليه وسلم: (زيِّنوا القرآن بأصواتكم ) رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه.‏
‎‎ - وقال البراء رضي الله عنه: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء بالتين والزيتون ، فما سمعت أحداً أحسن صوتاً منه " رواه البخاري ومسلم.‏
‎‎ - ويستحب طلب القراءة من حسن الصوت والإصغاء إليها ، قال ابن مسعود رضى الله عنه : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اقرأ عليَّ القرآن "فقلت " يارسول الله ، أقرأ عليك وعليك أُنزل، قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري ). رواه البخاري ومسلم.‏
‎‎ وكان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم يطلبون ممن صوته حسنٌ قراءة القرآن .‏
‎‎ - وينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله عز وجل قد خصّه بخير عظيم، وليجعل مراده حين يقرأ للناس أن ينتبه أهل الغفلة من غفلتهم، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل، وينتهوا عما نهاهم، وبهذا ينتفع بحسن صوته وينتفع الناس به.‏

7. السجود عند آيات السجود:‏
- ‏يسن للقارئ والمستمع أن يسجد للتلاوة كلما مرّ بسجدة، وسواء كان في الصلاة أو غيرها، فإنه بذلك يرضي رّبه عز وجل، ويغيظ عدّوه الشيطان.‏
‎‎ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويلتى، أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فعصيته فلي النار ) رواه مسلم.‏
- وفي القرآن خمس عشرة سجدة، وردت في السور التالية: الأعراف:206، والرعد: 105، والنحل: 50، والإسراء: 109، ومريم: 58، وفي الحج سجدتان: 18-77، والفرقان: 60، والنمل: 26، والسجدة: 15، وص: 24، وفصلت: 38، والنجم: 62، والانشقاق: 21، والعلق: 19.‏
- ويستحب لمن يسجد للتلاوة: أن يسبح ثلاث مرات (سبحان ربي الأعلى ) ثم يقول: (اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين ). رواه مسلم . ‏
- ويقول: (اللهم اكتب لي بها عندك أجراً ، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود ). رواه الترمذي ، وحسنه الألباني.‏

8. الدعاء عند التلاوة:‏
- يستحب للقارئ إذا مرّ بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مرّ بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه، أو نحو ذلك. وإذا مرّ بآية تنزيه لله تعالى نزّهه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أوجلت عظمة ربنا.‏
‎‎ قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة .. فقلت يركع عند المئة ، ثم مضى ، فقلت يصلي بها، ثم افتتح آل عمران فقرأها ، ثم افتتح النساء فقرأها ، يقرأ مترسلاً إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوّذ» رواه البخاري. ‏

أهمية دراسة علوم القرآن
ومن المعلوم أنه لايستطيع أحدٌ أن يعمل بالقرآن إلاَّ إذا فهم معانيه ، ولاتُفهم معانيه إلاَّ بمعرفة تفسيره ، ولايستطيع أحدٌ أن يخوض غمار التفسير إلاَّ إذا تسلّح بسلاح علوم القرآن ؛ فعلم علوم القرآن إذن هو مفتاح الدخول إلى تفسير القرآن الكريم ، وتفسيرُ القرآن الكريم هو الطريق الموصل في النهاية إلى العمل بالقرآن العظيم ، ولا ريب أن العمل بالقرآن هو المقصود الأعظم الذي نزل القرآن من أجله .
ولَمَّا كان علم علوم القرآن بهذه المكانة العالية والمنزلة الرفيعة ؛ اهتم به العلماء قديماً وحديثاً ، فمنهم من أفرده بالتصنيف ، ومنهم من أفرد بعض مباحثه بالتصنيف ، ومنهم من تطرّق إلى بعض مباحثه في مصنفات في علوم أخرى .