Pages

Wednesday, March 6, 2013

أركان الصلاة (Rukun-rukun sholat)

7-03-2013

وأركان الصلاة
  1. النية
  2. القيام مع القدرة 
  3. وتكبيرة الاحرام
  4. وقراءة الفاتحة 
  5. الركوع
  6. الطمأنينة فيه
  7. الإعتدال
  8. الطمأنينة فيه
  9. السجود [سجدتين]
  10. الطمأنينة فيه
  11. الجلوس بين السجدتين 
  12. الطمأنينة فيه
  13. الجلوس الأخير
  14. التشهد فيه
  15. والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
  16. التسليمة الأولى 
  17. نية الخروج من الصلاة   
[قال الشيخ ابن العثيمين: "والأركان جمع ركن، والركن في اللغة: جانب الشيء الأقوى، ولهذا نسمي الزاوية ركنا؛ لأنها أقوى جانب في الجدار؛ لكونها معضودة بالجدار الذي إلى جانبها.
وأما في الاصطلاح؛ فأركان العبادة: ما تتركب منه العبادة، أي: ماهية العبادة التي تتركب منها، ولا تصح بدونها، لأن العبادات كلها تتركب من أشياء قولية وفعلية، ومن هذه الأشياء المركبة ما لا تصح بدونه في كل حال، وهي الأركان، ومنها ما لا تصح بدونه في بعض الأحوال، وهي الواجبات، ومنها ما تصح بدونه في كل حال، وهي المسنونات"
.]


(فصل): وأركان الصلاة ثمانية عشر ركناً: 


[الركن الأول:] النية

قد علمت أن الصلاة الشرعية تشتمل على أركان وأبعاض وهيئات: فمن الأركان [النية] لأنها واجبة في بعض الصلاة يعني ذكراً وهو أولها فكانت ركناً كالتكبيرة والركوع وغيرهما، ومنهم من عدها شرطاً 
قال الغزالي: هي بالشرط أشبه ووجهه أنه يعتبر دوامها حكماً إلى آخر الصلاة فأشبهت الوضوء والاستقبال وهو قوي. 
[قال الشيخ ابن العثيمين:
قوله: «ومنها النية» ، أي: ومن شروط الصلاة النية، وهذا هو الشرط التاسع وهو الأخير.
و«النية» بمعنى القصد، وأما في الشرع: فهي العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله تعالى.
وتنقسم إلى قسمين:
1 - نية المعمول له. 2 - ونية العمل.
أما نية العمل فهي التي يتكلم عنها الفقهاء؛ لأنهم إنما يقصدون من النية النية التي تتميز بها العبادة عن العادة، وتتميز بها العبادات بعضها عن بعض.
 

وأما نية المعمول له فهي التي يتكلم عليها أرباب السلوك؛ فتذكر في التوحيد، وهي أعظم من الأولى، فنية المعمول له أهم من نية العمل؛ لأن عليها مدار الصحة، قال تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري؛ تركته وشركه» 
ونية العمل: تتميز بها العبادات من غير العبادات، وتتميز العبادات بعضها عن بعض، فينوي أن هذه عبادة، وينوي أنها صلاة، وينوي أنها فريضة، أو نافلة، وهكذا، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى اعتبار النية بقوله: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» 

ولا بد من ملاحظة الأمرين جميعا.
أولا: نية المعمول له؛ بحيث تكون نيته خالصة لله ، فإن خالط هذه النية نية لغير الله بطلت، فلو قام رجل يصلي ليراه الناس فالصلاة باطلة؛ لأنه لم يخلص النية للمعمول له، وهو الله .
وثانيا: نية تمييز العبادات عن غيرها، وتمييز العبادات بعضها عن بعض. 


واعلم أن النية محلها القلب، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، فليست من أعمال الجوارح، ولهذا [......] فلا يسن للإنسان إذا أراد عبادة أن يقول: اللهم إني نويت كذا؛ أو أردت كذا، لا جهرا ولا سرا؛ لأن هذا لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن الله تعالى يعلم ما في القلوب، فلا حاجة أن تنطق بلسانك ليعلم ما في قلبك، فهذا ليس بذكر حتى ينطق فيه باللسان، وإنما هي نية محلها القلب، 
ولا فرق في هذا بين الحج وغيره؛ حتى الحج لا يسن للإنسان أن يقول: اللهم إني نويت العمرة؛ أو نويت الحج، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يلبي بما نوى، والتلبية غير الإخبار بالنية؛ لأن التلبية تتضمن الإجابة لله، فهي بنفسها ذكر ليست إخبارا عما في القلب، ولهذا يقول القائل: لبيك عمرة أو لبيك حجا.
نعم؛ لو احتاج إلى الاشتراط فله أن يتلفظ بلسانه، بل لا بد أن يتلفظ فيقول مثلا: لبيك اللهم عمرة، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني.
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18053.shtml] اهـ.

ثم النية القصد فلا بد من قصد أمور:
  • أحدهما: قصد فعل الصلاة لتمتاز عن سائر الأفعال،
  • والثاني: تعيين الصلاة المأتي بها من كونها ظهراً أو عصراً أو جمعة، هذان لا بد منهما بلا خلاف فلو نوى فرض الوقت بدل الظهر أو العصر لم تصح على الأصح لأن الفائتة تشاركها في كونها فريضة الوقت.
[قال الشيخ ابن العثيمين: "والذي يترجح عندي: القول بأنه لا يشترط التعيين، وأن الوقت هو الذي يعين الصلاة، وأنه يصح أن يصلي أربعا بنية ما يجب عليه، وإن لم يعينه، فلو قال: علي صلاة رباعية لكن لا أدري: أهي الظهر أم العصر أم العشاء؟ قلنا: صل أربعا بنية ما عليك وتبرأ بذلك ذمتك".

 "مسألة : يقول بعض الناس: إن النية تشق عليه.
وجوابه: أن النية سهلة، وتركها هو الشاق، فإنه إذا توضأ وخرج من بيته إلى الصلاة، فإنه بلا شك قد نوى، فالذي جاء به إلى المسجد وجعله يقف في الصف ويكبر هو نية الصلاة، 

حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق 
فلو قيل: صل ولكن لا تنو الصلاة. توضأ ولكن لا تنو الوضوء؛ لم يستطع. ما من عمل إلا بنية. 
ولهذا قال شيخ الإسلام: «النية تتبع العلم؛ فمن علم ما أراد فعله فقد نواه، إذ لا يمكن فعله بلا نية» وصدق رحمه الله. ويدلك لهذا قوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات» أي: لا عمل إلا بنية".]

21-03-2013 
  • الثالث: أن ينوي الفريضة على الأصح عند الأكثرين سواء كان الناوي بالغاً أو صبياً وسواء كانت الصلاة قضاء أو أداء، وفي شرح المهذب أن الصواب أنه لا يشترط.
  • الرابع: هل لا يشترط تمييز الأداء من القضاء؟ وجهان أصحهما في الرافعي لا يشترط لأنهما بمعنى واحد ولهذا يقال "أديت الدين، وقضيت الدين" والذي قاله النووي إن هذا فيمن جهل خروج الوقت لغيم ونحوه. قال النووي في شرح المهذب: صرح الأصحاب بأنه إذا نوى الأداء في وقت القضاء أو عكسه لم تصح قطعاً والله أعلم.
[قال الشيخ ابن العثيمين:"ولا يشترط في القضاء نية القضاء. 
والقضاء: هو الذي فعل بعد وقته المحدد له شرعا؛ كصلاة الظهر إذا نام عنها حتى دخل وقت العصر، فصلى الظهر، فهذه قضاء؛ لأنها فعلت بعد الوقت. 
ولا يشترط مع نية الظهر أن ينوي أنها قضاء؛ لأن صلاتها بعد الوقت يكفي عن نية القضاء.
 

وقوله: «النفل»، يعني: في النفل المطلق، أو النفل المعين أن ينويه نفلا. أما في النفل المعين فالتعيين يكفي.
مثال ذلك: إذا أراد أن يوتر، لا يشترط أن ينوي أنه نفل، وإذا أراد أن يصلي راتبة الظهر مثلا، لا يشترط أن ينويها نفلا؛ لأن تعيينها يكفي عن النفل، ما دام أنه قد نوى أنها راتبة الظهر، فإن راتبة الظهر نفل، وما دام أنه نوى الوتر فإن الوتر نفل.
وكذلك النفل المطلق لا يشترط أن ينويه نفلا.
مثال ذلك: قام يصلي من الليل، فلا حاجة أن ينوي أنها نفل؛ لأن ما عدا الصلوات الخمس نفل.
وقوله: «الإعادة»، أي: لا يشترط في الإعادة نية الإعادة.
والإعادة: ما فعل في وقته مرة ثانية، سواء كان لبطلان الأولى أم لغير بطلانها.
فمثلا: إذا صلى الظهر؛ ثم ذكر أنه محدث، فتجب عليه الإعادة ولا يجب أن ينوي أنها إعادة. ومثلا: إذا صلى الظهر في مسجد ثم حضر إلى مسجد ثان وأقيمت الصلاة؛ فيشرع أن يعيد، ولا يشترط أن ينوي أنها إعادة؛ لأنه قد فعل الأولى، واعتقد أن هذه الثانية نفل فلا يشترط أن ينويها معادة."
].
  • ولا يشترط التعرض لعدد الركعات ولا للاستقبال على الصحيح، نعم لو نوى الظهر خمساً أو ثلاثاً لم تنعقد. 
  • واعلم أن النية في جميع العبادات معتبرة بالقلب فلا يكفي نطق اللسان مع غفلة القلب نعم لا يضر مخالفة اللسان كمن قصد بقلبه الظهر وجرى على لسانه العصر فإنها تنعقد ظهره.
  • واعلم أن شرط النية الجزم ودوامه فلو نوى في أثناء الصلاة الخروج منها بطلت، وكذا لو تردد في أن يخرج أو يستمر بطلت ولو علق الخروج منها على شيء.                                          
[الأمثلة:] 
- فإن قال: إن عيط لي فلان أو دق الباب خرجت منها بطلت في الحال على الراجح 
- كما لو دخل في الصلاة على ذلك فإنها لا تنعقد بلا خلاف لفوات الجزم 
- كما لو علق الخروج من الاسلام فإنه يكفر في الحال بلا خلاف، 
ولو شك في صلاته هل أتى بكمال النية أو تركها أو ترك بعض شروطها نظر: 
إن تذكر أنه أتى بكمالها قبل أن يأتي بشيء على الشك وقصر الزمان لم تبطل صلاته لأن عروض الشك وزواله كثير فيعفى عنه 
وإن طال الزمان فالأصح البطلان لانقطاع نظم الصلاة وندور مثل ذلك وإن تذكر بعد ما أتى على الشك بركن كالركوع والسجود بطلت وإن أتى كالقراءة والتشهد بطلت أيضاً على الأصح المنصوص الذي قطع به الجمهور
  • قال النووي: وقال الماوردي: ولو شك هل نوى ظهراً أو عصراً لم يجزه عن واحدة منهما فإن تيقنها فعلى التفصيل المذكور والله أعلم. 
  • واعلم أنه يشترط أن تقارن النية لتكبيرة الاحرام يعني ذكراً، وما معنى المقارنة؟ فيه أوجه: 
[الأول:] أصحها في الروضة هنا أنه يجب ذكرها من أول التكبيرة إلى فراغها
والثاني: أن الواجب استحضارها لأول التكبيرة فقط قال الرافعي في كتاب الطلاق: وهو الأظهر
والثالث: تكفي المقارنة العرفية عند العوام بحيث يعد مستحضراً للصلاة وهذا ما اختاره الامام والغزالي والنووي في شرح المهذب والله أعلم. 

[قال الشيخ ابن العثيمين: قوله: «وَلَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِزَمنٍ يَسيرٍ في الوقْتِ» فإن طال الوقت فظاهر كلام المؤلِّف أنَّ النيَّة لا تصحُّ؛ لوجود الفصل بينها وبين المنوي.
قال بعض العلماء: بل تصح ما لم ينو فسخها لأن نيته مستصحبة الحكم ما لم ينو الفسخ، فهذا الرجل لما أذن قام فتوضأ ليصلي، ثم عزبت النية عن خاطره، ثم لما أقيمت الصلاة دخل في الصلاة بدون نية جديدة، فعلى كلام المؤلف لا تصح الصلاة؛ لأن النية سبقت الفعل بزمن كثير، 
وعلى القول الثاني تصح الصلاة؛ لأنه لم يفسخ النية الأولى، فحكمها مستصحب إلى الفعل. وهذا القول أصح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» وهذا قد نوى أن يصلي، ولم يطرأ على نيته ما يفسخها.] 


قال: 
[الركن الثاني:] والقيام مع القدرة

اعلم أن القيام أو ما يقوم مقامه عند العجز كالقعود والاضطجاع ركن في صلاة الفرض لما روى عمران بن حصين رضي الله عنه قال "كانت بي بواسير فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه البخاري 
وزاد النسائي "فإن لم تستطع فمستلقياً {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}

ويشترط في القيام الانتصاب 

[مسائل]
فلو انحنى متخشعاً وكان قريباً إلى حد الركوع لم تصح صلاته 
ولو لم يقدر على القيام إلا بمعين ثم لا يتأذى بالقيام لزمه أن يستعين بمن يقيمه. 
فإن لم يجد متبرعاً لزمه أن يستأجره بأجره المثل إن وجدها، 
ولو قدر على القيام دون الركوع والسجود لعلة بظهره لزمه ذلك لقدرته على القيام 
ولو احتاج في القيام إلى شيء يعتمد عليه لزمه 
ولو كان قادراً على القيام واستند إلى شيء بحيث لو انحنى سقط صحت صلاته مع الكراهة 
ومن عجز عن الانتصاب وصار في حد الراكعين كمن تقوس ظهره لكبر أو زمانة لزمه القيام على تلك الحالة فإذا أراد الركوع زاد في الانحناء به إن قدر عليه وهذا هو الصحيح وبه قطع العراقيون والمتولي والبغوي، وعليه الشافعي والله أعلم.


قال:
[الركن الثالث:] وتكبيرة الاحرام 

التكبيرة ركن من أركان الصلاة 
  • لقوله عليه الصلاة والسلام {مفتاح الصلاة الوضوءلجملة السابقة عند أحمد والدار قطني] وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم} رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح وقال الحاكم: هو على شرط مسلم 
  • وفي الصحيحين في حديث المسيء صلاته {إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة وكبر} قال النووي: وهو أحسن الأدلة لأنه عليه الصلاة والسلام لم يذكر له في الحديث إلا الفرض.
واعلم أن تكبيرة الاحرام يعتبر فيها أمور فلو فقد واحد منها لم يجز ولم تصح صلاته: 
أحدها: أنه يأتي بصيغة "الله أكبر" بالعربية إذا كان قادراً 
لما رواه أبو حميد الساعدي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة استقبل القبلة ورفع يديه وقال: الله أكبر" رواه ابن ماجة وصححه ابن حيان 

[مسائل:]
  • فلو قال: "الرحمن الرحيم أكبر" أو "أجل" أو قال:"الرب أعظم" ونحو ذلك لم يجز 
  • ولو قال: "الله الأكبر" أجزأه على المشهور لأنه لفظ يدل على التكبير وهذه الزيادة تدل على التعظيم فصار كما لو قال: الله أكبر من كل شيء فإنه يجزىء 
  • ولو عكس وقال: "أكبر الله" لم يجز على الصحيح ونص عليه الشافعي لأنه لا يسمى تكبيراً، بخلاف ما لو قال عند الخروج من الصلاة: "عليكم السلام" فإنه يجزىء لأنه يسمى سلاماً كذا قالوه 
  • ولو حصل بين الاسم الكريم ولفظه أكبر فصل نظر إن قل لم يضر كما لو قال: "الله -الجليل- أكبر"، وإن طال الفصل كما لو قال: "الله -الذي لا إله إلا هو الملك القدوس- أكبر" لم يجز قطعاً لخروجه عن اسم التكبير
  • ومنها أن لا يحصل بين الاسم الكريم ولفظه أكبر وقفة
  • ومنها أن لا يزيد ما يخل بالمعنى بأن يمد الهمزة من الله [آلله] لأنه يخرج به إلى الاستفهام، أو بأن يشبع حركة الباء في أكبر فيبقى "أكبار" وهو اسم للحيض، أو يزيد في إشباع الهاء فيتولد واو سواء كانت ساكنة [اللهوْ أكبر] أو متحركة [اللهوَ أكبر]
  • ومنها أن يأتي بالتكبيرة بكمالها وهو منتصب فلو أتى ببعضها وهو في الهوي، وقد وصل إلى حد أقل الركوع فلا تنعقد فرضاً، وهل تنعقد نفلاً؟ الأصح إن كان جاهلاً انعقد وإلا فلا. 
  • ومنها أن ينوي بها تكبيرة الافتتاح وهذا يقع كثيراً  فيمن أدرك الامام راكعاً ونحوه فلو نوى بها تكبيرة الاحرام والركوع لم تنعقد صلاته فرضاً ولا نفلاً على الصحيح للتشريك ولو لم ينو تكبيرة الاحرام ولا تكبيرة الركوع بل أطلق فالصحيح الذي نص عليه الشافعي وقع به جمهور الأصحاب لا تنعقد صلاته لأنه لم يقصد تكبيرة الاحرام، وقيل تنعقد لقرينة الافتتاح ومال إليه إمام الحرمين، ويرده قرينة الركوع وهذا كله في القادر على النطق بالعربية، أما العاجز فإن كان لا يقدر على التعلم إما لخرس أو بأن لا يطاوعه لسانه أتى بالترجمة ولا يعدل إلى ذكر آخر، وجميع اللغات في الترجمة سواء على الصحيح، 
  • وأما القادر على التعلم فيجب عليه ذلك حتى لو كان بناحية لا يجد من يعلمه فيها لزمه السفر إلى موضع يتعلم فيه على الصحيح لأن السفر وسيلة إلى واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولا تجوز الترجمة في أول الوقت لمن أمكنه التعلم في آخره فلو صلى بالترجمة من لا يحسن التعلم بالكلية فلا إعادة عليه، وأما من قدر على التعلم ولكن ضاق الوقت عن تعلمه لبلاده ذهنه أو قلة ما أدركه من الوقت فلا إعادة عليه أيضاً، وإن أخر التعلم مع التمكن وضاق الوقت صلى بالترجمة لحرمة الوقت وتجب الاعادة على الصحيح الصواب لتقصيره وهو آثم ولو كبر تكبيرات دخل بالأوتار في الصلاة وخرج منها بالأشفاع لأن نية الافتتاح تتضمن قطع الصلاة ولو لم ينو بغير الأولى الافتتاح ولا الخروج من الصلاة صح دخوله بالأولى وباقي التكبيرات ذكر لا تبطل الصلاة، والوسوسة عند تكبيرة الاحرام من تلاعب الشيطان، وهي تدل على خبل بالعقل أو الجهل في الدين والله أعلم.
28-03-2013

قال:
[الركن الرابع:] وقراءة الفاتحة بعد بسم الله الرحمن الرحيم وهي آية منها

من أركان الصلاة قراءة الفاتحة 
  • لقوله صلى الله عليه وسلم {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب} رواه البخاري ومسلم، 
  • وفي رواية {لا تجزيء صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب} رواها الداقطني، وقال: اسنادها صحيح ورواها ابن حيان وابن خزيمة في صحيحيهما، 
  • وفي رواية {أم القرآن عوض عن غيرها وليس غيرها منها عوضاً} رواه الحاكم وقال: إنها على شرط الشيخين، 
  • وروى الشافعي بسنده في حديث المسيء صلاته أنه عليه الصلاة والسلام، قال: {فكبر ثم اقرأ بأم الكتاب} وهذا ظاهر في دلالة الوجوب.
قال في أصل الروضة: وبسم الله الرحمن الرحيم آية كاملة من أول الفاتحة بلا خلاف وحجة ذلك أنه عليه الصلاة والسلام {عد الفاتحة سبع آيات وعد البسملة آية منها} وعزاه الامام والغزالى إلى البخاري وليس ذلك في صحيحه نعم ذكره في تاريخه،
  • وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا قرأتم الحمد فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها أو قال: هي إحدى آياتها} رواه الدارقطني، وقال: رجاله كلهم ثقات.
  • وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم {عد البسملة آية من الفاتحة} رواه ابن خزيمة في صحيحه، وقال أبو نصر المؤدب: اتفق قراء الكوفة، وفقهاء المدينة على أنها آية منها.
فإن قلت ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين}
فالجواب: أن المراد قراءة السورة الملقبة بالحمد لله رب العالمين، فإن قيل هذا خلاف الظاهر، فالجواب تعيين ذلك جمعاً بين الأدلة.

[قال الشيخ ابن العثيمين:
قوله: «وليست من الفاتحة» الضَّميرُ يعودُ على البسملة، بل هي آيةٌ مستقلِّة يُفتتح بها كلُّ سورة مِن القرآن؛ ما عدا براءة، فإنه ليس فيها بسملة اجتهاداً من الصحابة، لكنه اجتهاد ـ بلا شك ـ مستندٌ إلى توقيف؛
لأننا نعلم أنه لو نزلت البسملة بين الأنفال وبراءة لوجب بقاؤها؛
لأن الله يقول: {{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *}} [الحجر: 9] فلمَّا لم يكن، عُلِمَ أن اجتهاد الصَّحابة كان موافقاً للواقع.
والدليل على أنها ليست من الفاتحة:
ما ثبت في «الصحيح» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبدُ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، قال اللَّهُ تعالى: حَمَدَني عبدي...» أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (395) (38)..

فإن قيل: إذا لم تكن مِن الفاتحة؛ فإنه مِن المعلوم أنَّ الفاتحةَ سبعُ آيات، فكيف تُوزَّع السَّبع الآيات على الفاتحة إذا أخرجنا البسملةَ منها؟

فالجواب: أنها توزَّع كالآتي:
{{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *}} الأولى.
{{الرحمن الرَّحِيمِ}} الثانية.
{{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *}} الثالثة.
{{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *}} الرابعة.
{{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *}} الخامسة. 
{{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}} السادسة.
{{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}} السابعة.
هذا التَّوزيعُ هو المطابق للمعنى واللَّفظِ. 
...... "والصَّحيحُ أنها ليست مِن الفاتحة، ولا مِن غير الفاتحة، بل هي آية مستقلَّة".]
[فائدة]:
هل ثبوت البسملة قرآناً بالقطع أم بالظن، قال في شرح المهذب: إن الأصح ثبوتها بالظن حتى يكفي فيها أخبار الآحاد لا بالقطع، ولهذا لا يكفرنا فيها باجماع المسلمين
قال ابن الرفعة: حكى العمراني أن صاحب الفروع قال بتكفير جاحدها وتفسيق تاركها والله أعلم.
قلت: قد حكى المارودي والمحاملي وإمام الحرمين وجهين في البسملة هل هي في الفاتحة قرآن على سبيل القطع كسائر القرآن أم على سبيل الحكم؟، ومعنى الحكم أن الصلاة لا تصح إلا بعدها في أول الفاتحة.
قال الماوردي: قال جمهور أصحابنا هي آية حكماً لا قطعاً، فعلى قول الجمهور يقبل في إثباتها خبر الواحد كسائر الأحكام، وعلى الآخر لا يقبل كسائر القرآن وإنما ثبتت بالنقل المتواتر عن الصحابة في إثباتها في المصحف والله أعلم.
واعلم أن القادر على قراءة الفاتحة يتعين عليه قراءتها في حال القيام وما يقوم مقامه، ولا يقوم غيرها مقامها لما مر من الأدلة 

ولا يجوز ترجمتها للعاجز 

ويستوي في تعينها الامام والمأموم والمنفرد في السرية وكذ ا في الجهرية،  
وفي قول لا تجب على المأموم في الجهرية بشرط أن يكون يسمع القراءة فلو كان أصم أو بعيداً لا يسمع القراءة لزمه على الراجح،

وتجب قراءة الفاتحة بجميع حروفها وتشديداتها، 
  • فلو أسقط حرفاً أو خفف مشدداً أو أبدل حرفاً بحرف سواء في ذلك الضاد وغيره لم تصح قراءته ولا صلاته، 
  • ولو لحن لحناً يغير المعنى كضم تاء "أنعمتُ" أو كسرها، أو كسر كاف "إيّاكِ" لم يجزئه وتبطل صلاته إن تعمد وتجب اعادة القراءة إن لم يتعمد

ويجب ترتيب قراءتها 
فلو قدم مؤخراً إن تعمد بطلت قراءته وعليه استئنافها 
وإن سها لم يعتد بالمؤخر ويبني على المرتب إلا أن يطول فيستأنف القراءة 
وتجب الموالاة بين كلمات الفاتحة فإن أخل بالموالاة نظر 
  • إن سكت وطالت مدة السكوت بأن أشعر بقطع القراءة أو أعرض عنها بطلت قراءته ولزمه استئنافها 
  • فإن قصرت مدة السكوت لم يؤثر 
  • فلو قصد مع السكوت اليسير قطع القراءة بطلت قراءته على الصحيح الذي قطع به الجمهور 
  • ولو تخللها ذكر أو قراءة آية أخرى أو إجابة مؤذن أو فتح على غير الإمام، يعني غلط شخص في القراءة فرد عليه 
  • وكذا لو حمد لعطاسه بطلت قراءته وإن كان ما تخلل مندوباً في صلاته كتأمينه لقراءة إمامه وفتحه عليه 
  • وسؤاله ا لرحمة والتعوذ من العذاب عند قراءته آيهما فلا تبطل قراءته على الأصح هذا كله في القادر على قراءة الفاتحة، 

أما من لا يحسن الفاتحة حفظاً لزمه تعلمها أو قراءتها من مصحف ولو بشراء أو اجارة أو اعارة 
  • ويلزمه تحصيل الضوء في الظلمة 
  • وكذا يلزمه أن يتلقنها من شخص وهو في الصلاة ولا يجوز له ترك هذه الأمور إلا عند التعذر، 
فإن عجز عن ذلك إما لضيق الوقت أو بلادة ذهنه أو عدم المعلِّم أو المصحف أو غيره قرأ سبع آيات ولا يترجم عنها ولا ينتقل إلى الذكر لأنه عليه الصلاة والسلام قال للمسيء صلاته: {فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله تعالى وهلله وكبره} قال النووي: حسن، والمعنى أن القراءة بالقرآن أشبه واشتراط سبع آيات لأنها بدل 
وهل يشترط أن تكون الآيات التي بدل الفاتحة متواليات؟ فيه وجهان أصحهما عند الرافعي نعم لأن المتوالية أشبه بالفاتحة 
والأصح عند النووي وهو المنصوص أنه يجوز المتفرقة مع القدرة على المتوالية كما في قضاء رمضان
فإن عجز أتى بذكر للحديث في صحيح ابن حبان {أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله إني لا أستطيع أتعلم القرآن فعلمني ما يجزيني من القرآن، فقال: قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم}

وهل يشترط أن يأتي بسبعة أنواع من الذكر؟ وجهان.
قال الرافعي: أقربهما نعم، ولا يجوز نقص حروف البدل عن حروف الفاتحة سواء كان البدل قرآناً كالأصل، ولو كان يحسن آية من الفاتحة أتى بها ويبدل الباقي إن احسنه وإلا كررها 
ولا بد من مراعاة الترتيب فإن كانت الآية من أول الفاتحة أتى بها أولاً ثم بالبدل وإن كانت من آخر الفاتحة أتى بالبدل ثم بالآية فإن لم يحسن شيئاً وقف بقدر قراءة الفاتحة لأن قراءة الفاتحة واجبة والوقوف بقدرها واجب 
فإذا تعذر أحدهما بقي الآخر ومثله التشهد الأخير. 
قال ابن الرفعة: ومثله التشهد الأول والقنوت، وقال في الاقليد: ولا يقف وقفة القنوت لأن قيامه مشروع لغيره ويجلس في التشهد الأول لأن جلوسه مقصود في نفسه والله أعلم.


قال:
[الركن الخامس، والسادس:] والركوع والطمأنينة فيه

فريضة الركوع ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة 
ووجوب الطمأنينة لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: {ثم اركع حتى تطمئن راكعاً

وأقل الركوع أن ينحني القادر المعتدل الخلقة حتى تبلغ راحتاه ركبتيه يعني لو أراد ذلك بدون إخراج ركبتيه أو انخناس لبلغتا ركبتيه لأن دون ذلك لا يسمى ركوعاً حقيقة،
ولو لم يقدر على الانحناء إلى هذا الحد المذكور إلا بمعين لزمه و
كذا يلزمه الاعتماد على شيء فإن لم يقدر انحنى القدر الممكن فإن عجز أومأ بطرفه من قيام، هذا في القائم،
وأما القاعد فأقل ركوعه أن ينحني قدر ما يحاذي وجهه ما وراء ركبتيه من الأرض ولا يجزيه غير ذلك، وأكمله أن ينحني بحيث تحاذي جبهته موضع سجوده،

ثم أقل الطمأنينة أن يصبر حتى تستقر أعضاؤه في هيئة الركوع وينفصل هويه عن رفعه
فلو وصل إلى حد الركوع وزاد في الهوي ثم ارتفع والحركات متصلة لم تحصل الطمأنينة

ويشترط أن لا يقصد بهوية غير الركوع حتى لو هوى لسجود تلاوة وصار في حد الركوع وأراد جعله ركوعاً لا يعتد بذلك الهوي لأنه صرفه عن هوي الركوع إلى هوي سجود التلاوة.

واعلم أن أكمل الركوع أن ينحني بحيث يستوي ظهره وعنقه ويمدهما كالصفيحة وينصب ساقيه ويأخذ ركبتيه بكفيه ويفرق أصابعه ويوجههما نحو القبلة جاءت السنة بذلك.


04-04-2013

قال:
[الركن السابع، والثامن:] والاعتدال والطمأنينة فيه

الاعتدال ركن لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: {ثم ارفع حتى تعتدل قائماً}
وأما وجوب الطمأنينة فلحديث صحيح رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه، وقياساً على الجلوس بين السجدتين،
ثم الاعتدال الواجب أن يعود بعد ركوعه إلى الهيئة التي كان عليها قبل الركوع سواء صلاها قائماً أو قاعداً

  • ولو رفع الراكع رأسه ثم سجد وشك هل أتم اعتداله وجب أن يعتدل قائماً ويعيد السجود ويجب أن لا يقصد برفعه غير الاعتدال
  • فلو رأى في ركوعه حية فرفع فزعاً منها لم يعتد به

ويجب أن لا يطول الاعتدال فإن طوله عمداً ففي بطلان صلاته ثلاثة أوجه:
أصحهما عند إمام الحرمين وقطع به البغوي تبطل إلا ما ورد الشرع بتطويله في القنوت أو صلاة التسبيح،
والثاني لا تبطل مطلقاً،
والثالث إن طول بذكر آخر لا بقصد القنوت لم تبطل وهذا ما اختاره النووي، وقال: إنه الأرجح،
وقال في شرح المهذب: إنه الأقوى إلا أنه صحح في أصل المنهاج أن تطويله مبطل في الأصح فعلى ما صححه في المنهاج حد التطويل أن يلحق الاعتدال بالقيام في القراءة نقله الخوارزمي عن الأصحاب،
ويلحق الجلوس بين السجدتين بالتشهد إذا قلنا إنه قصير والله أعلم.

[قال الشيخ ابن العثيمينقد دلَّت السُّنَّةُ مِن حديث البراء بن عازب وغيره أن هذا القيام ـ أعني الاعتدال بعد الرُّكوع ـ يكون بمقدار الرُّكوع تقريباً، فقد قال البراء بن عازب رضي الله عنه: «رَمَقْتُ الصَّلاةَ مع محمد صلّى الله عليه وسلّم فوجدت قيامَهُ فركعَتَه، فاعتدَالَه بعد رُكُوعه، فسجدَتَهُ، فجلسَتَهُ بين السَّجدتين، فسجدَتَه، فجلسَتَه ما بين التسليم والانصراف قريباً من السَّواء»
وعلى هذا؛ فالسُّنَّة الواردةُ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام إطالة هذا الرُّكن أعني: ما بين الرُّكوعِ والسُّجودِ خلافاً لمن كان يُسرعُ فيه، بل لمن كان لا يطمئنُّ فيه، كما نشاهدُه من بعض المصلِّين، من حين أن يرفعَ من الرُّكوع يسجد، فالذي يفعل هذا ـ أي: لا يطمئنُّ بعد الرُّكوع ـ صلاتُه باطلة؛ لأنه تَرَكَ رُكناً مِن أركان الصَّلاةِ. وقد رأى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم رَجُلاً يُصلِّي ولا يطمئنُّ، فَصلَّى الرَّجُلُ ثلاث مرَّات، وكلُّها يقول فيها رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «ارجعْ فصلِّ فإنك لم تُصلِّ».
والآفةُ التي جاءت المسلمين في هذا الرُّكن: القيام بعد الرُّكوعِ، وفي الرُّكن الذي بين السجدتين كما يقول شيخ الإِسلام: إنَّ هذا من بعض أمراء بني أميَّة، فإنهم كانوا لا يطيلون هذين الرُّكنين، والنَّاسُ على دين ملوكهم، فتلقّى النَّاسُ عنهم التَّخفيفَ في هذين الرُّكنين فظنَّ كثيرٌ من النَّاسِ أنَّ ذلك هو السُّنَّة، فماتت السُّنَّةُ حتى صار إظهارُها من المنكر، أو يكاد يكون منكراً، حتى إن الإِنسان إذا أطال فيهما ظَنَّ الظَّانُّ أنه قد نسيَ أو وَهِمَ.]


قال:
[الركن التاسع، والعاشر:] والسجود والطمأنينة فيه

السجود ركن في الصلاة بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: {اركعوا واسجدوا}
وأما الطمأنينة فلقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: {ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً}

ثم أقل السجود أن يضع على الأرض من الجبهة ما يقع عليه الاسم، ولا بد من تحامل فلا يكفي الوضع حتى تستقر جبهته
فلو سجد على حشيش [rumput] أو شيء محشو وجب أن يتحامل حتى ينكبس [menindih] ويظهر أثره وحجة ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: {إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر نقراً} رواه ابن حبان في صحيحه

فلو سجد على جبينه أو أنفه لم يكف، أو عمامته لم يكف، أو على شد على كتفيه أو على كمه لم يكف في كل ذلك إن تحرك بحركته، 
ففي صحيح مسلم عن ابن حبان: {شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنازاد البيهقي {في جباهنا وأكفنا} وإسناده صحيح،

[قال الشيخ ابن العثيمينقال أهلُ العلم: إن الحائل ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون متَّصلاً بالمصلِّي، فهذا يُكره أن يسجدَ عليه إلا مِنْ حَاجةٍ مثل: الثَّوب الملبوس، والمشلح الملبوس، والغترة، وما أشبهها، ودليل ذلك:
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كُنَّا نُصَلِّي مَع النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في شِدَّة الحَرِّ، فإذا لم يستطع أحدُنا أن يُمكِّنَ جبهتَه مِن الأرض؛ بَسَطَ ثوبَه فَسَجَدَ عليه». متفق عليه
فقوله: «إذا لم يستطع أحدُنا أن يُمكِّنَ» دَلَّ على أنَّهم لا يفعلون ذلك مع الاستطاعة، ثم التعبير بـ«إذا لم يستطع»؛ يدلُّ على أنه مكروه، لا يُفعل إلا عند الحاجة.
القسم الثاني: أن يكون منفصلاً، فهذا لا بأس به ولا كراهة فيه؛ لأنه ثَبَتَ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه صَلَّى على الخُمْرَة. متفق عليه
والخُمْرة: عبارة عن خَصيف مِن النَّخْلِ [anyaman dari daun kurma]، يسعُ جبهةَ المصلِّي وكفِّيه فقط، وعلى هذا فتكون الحوائل ثلاثة أقسام: 
  1. قسم مِن أعضاء السُّجود، فهذا السُّجودُ عليه حرام، ولا يجزئ السُّجود.
  2. قسم من غير أعضاء السجود؛ لكنه متَّصل بالمصلِّي، فهذا مكروه، ولو فُعِلَ لأجزأ السُّجود؛ لكن مع الكراهة.
  3. قسم منفصل، فهذا لا بأس به، ولكن قال أهل العِلم: يُكره أن يخصَّ جبهته فقط بما يسجد عليه.]


وهل يجب وضع يديه وركبتيه وقدميه مع جبهته؟ قولان:
الأظهر عند الرافعي: لا يجب
والأظهر عند النووي: الوجوب
فعلى ما صححه النووي الاعتبار باطن الكف وظهر الأصابع

[قال الشيخ ابن العثيمين: ولكن لا يكفي مجرَّد السُّجود، بل لا بُدَّ أن يكون على الأعضاء السَّبعة، وهي: الجبهة مع الأنف، والكَفَّان، والرُّكبتان، وأطراف القدمين.
ودليل هذا حديث  ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أُمِرْتُ أن أسجُدَ على سَبْعَة أعظُم: على الجبهة ـ وأشار بيده على أنفه ـ، واليدين، والرُّكبتين، وأطراف القدمين، ولا نَكْفِتَ الثِّيابَ والشَّعْرَ»]

ويشترط في السجود أن ترتفع أسافله على أعاليه في الأصح {لأن البراء بن عازب رفع عجيرته، وقال: هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم} رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان،
والثاني تجوز المساواة
ونقله الرافعي في شرح المسند عن نص الشافعي ولو ارتفعت ا لأعالي على الأسافل لم يجز جزم به الرافعي
ولو تعذرت هيئة رفع الأسافل على الأعالي لعلة فهل يجب وضع وسادة ليضع جبهته عليها؟ فيه وجهان: 
الراجح في الشرح الكبير لا يجب 
وصحح في الشرح الصغير الوجوب والله أعلم.




[فرع]:
لو كان على جبهته جراحة وعصبها وسجد على العصابة أجزأه ولا قضاء عليه على المذهب لأنه إذا سقطت الإعادة مع الإيماء بالسجود فهنا أولى
ولو عجز عن السجود لعلة أومأ برأسه فإن عجز فبطرفه ولا إعادة عليه والله أعلم.


قال:
[الركن الحادي عشر، والثاني عشر:] والجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه

من أركان الصلاة الجلوس بين السجدتين 

  • لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: {ثم ارفع حتى تعتدل جالساً}، 
  • وفي رواية: {حتى تطمئن جالساً ثم افعل ذلك في صلاتك كلها}، رواه الشيخان،
  • وفي الصحيحين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا رفع رأسه لم يسجد حتى يستوي جالساً} والله أعلم.


قال:
[الركن الثالث عشر، الرابع عشر، والخامس عشر:] والجلوس الأخير، والتشهد فيه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه

القعود الذي يعقبه السلام والتشهد فيه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه كل واجب،
والمراد بالتشهد التحيات، 
وأقلها {التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم} كذا قاله الرافعي،
وقال النووي: لا يشترط لفظ أشهد بل يكفي وأن محمداً رسول الله، إذا عرفت هذا

فالدليل على وجوب ذلك ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد السلام على الله السلام على فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قولوا التحيات لله} إلى آخره، رواه الدارقطني والبيهقي، وقال: إسناده صحيح،
فقوله "قبل أن يفرض"، "وقولوا" ظاهران في الوجوب، وفي الصحيحين الأمر به

وإذا ثبت وجوب التشهد وجب القعود له، لأن كل من أوجب التشهد أوجب القعود له،

وأما وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

  • فلما رواه كعب عن عجرة قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم {فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد} إلى آخره، رواه الشيخان، 
  • وفي رواية {كيف نصلي عليك إذا صلينا في صلاتنا، فقال: قولوا:} إلى آخره رواه الدارقطني، وقال: إسناده حسن متصل وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: إنه شرط مسلم. 
  • وفي رواية {إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم} رواه الترمذي وقال: حسن صحيح وقال الحاكم: هو على شرط الشيخين،

وقد أمر الله تعالى بالصلاة عليه، وأجمعنا على أنها لا تجب خارج الصلاة فتعين أن تكون في الصلاة كذا قرره بعضهم.
قلت: في دعوى الإجماع نظر ففي المسألة أقوال: منهم من أوجبها في العمر مرة، ومنهم من أوجبها في كل مجلس مرة، ومنهم من أوجبها كل ما ذكر، واختاره الحليمي من أصحابنا، ومنهم من أوجبها في أول كل دعاء وفي آخره والله أعلم.

وقول الشيخ: "والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" يؤخذ منه أن الصلاة على الآل لا تجب وهو كذلك بل الصحيح المشهور أنها سنة والله أعلم.

واعلم أن "التحيات" جمع تحية وهي: الملك، وقيل: البقاء، وقيل: الحياة،
وإنما جمعت لأن ملوك الأرض كان كل واحد منهم يحييه أصحابه بتحية مخصوصة
فقيل جميع تحياتهم لله وهو المستحق لذلك حقيقة،
و"البركات" كثرة الخير وقيل النماء،
و"الصلوات" هي الصلوات المعروفة، وقيل: الدعوات والتضرع، وقيل: الرحمة أي لله تعالى المتفضل بها، و"الطيبات" أي الكلمات الطيبات والله أعلم.

[فرع]: من عرف التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالعربية لا يجوز له أن يعدل إلى ترجمتها كتكبيرة الإحرام فإن عجز ترجمها والله أعلم.


قال:
[الركن السادس عشر، والسابع عشر:] والتسليمة الأولى، ونية الخروج من الصلاة

من أركان الصلاة التسليم لقوله صلى الله عليه وسلم: {تحريمها التكبير وتحليلها التسليم}
ويجب إيقاع التسليمة الأولى في حال القعود،
ثم أقله: "السلام عليكم" فلا يجزي "سلام عليكم" ولا "سلامي عليكم" ولا "سلام الله عليكم" ولا "السلام عليهم"
قال النووي: لأن الأحاديث قد صحت بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقول السلام عليكم ولم ينقل عنه خلافه فلو قال شيئاً من ذلك متعمداً بطلت صلاته إلا قوله سلام عليهم لأنه دعاء لا كلام.

وهل يجوز سلام عليكم بالتنوين؟ فيه وجهان الأصح عند الرافعي الجواز قياساً على التشهد لأن التنوين يقوم مقام الألف واللام.
وقال النووي: الأصح المنصوص لا يحزي لعدم وروده هنا فلو لم ينون لم يجز باتفاق الشيخين.

وهل تجب نية الخروج من الصلاة؟ فيه وجهان:
أحدهما: تجب وهو اختيار الشيخ لأن السلام ذكر واجب في أحد طرفي الصلاة فتجب فيه النية كتكبيرة الإحرام، ولأن السلام لفظ آدمي يناقض الصلاة في وضعه فلا بد فيه من نية تميزه،
وأصحهما: أنها لا تجب قياساً على سائر العبادات، وليس السلام كتكبيرة الإحرام لأن التكبير فعل تليق به النية، والسلام تركٌ والله أعلم.