Pages

Wednesday, February 29, 2012

Siwak السواك

السواك  [1]


السواك مستحب في كل حال إلا بعد الزوال للصائم وهو في ثلاثة مواضع أشد استحبابا عند تغير الفم من أزم وغيره، وعند القيام من النوم، وعند القيام إلى الصلاة
السواك سنة مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم : " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب "  [2] و " مطهرة " بفتح الميم وكسرها هي كل إناء يتطهر به، فشبه السواك بذلك لأنه يطهر الفم 

وهل يكره للصائم بعد الزوال ؟ فيه خلاف 

القول الأول: الراجح في الرافعي والروضة أنه يكره لقوله عليه الصلاة والسلام : " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " وفي رواية " يوم القيامة " [3]
و"الخلوف" بخاء واللام هو التغيير وخص بما بعد الزوال لأن تغير الفم بسبب الصوم حينئذ يظهر 
[قال الشيخ : والخُلوف هو الرَّائحة الكريهة التي تكون بالفم عند خلوِّ المعدة من الطَّعام، ولا يظهر في الغالب إلاّ في آخر النَّهار، لكن لما كان ناشئاً عن طاعة الله صار أطيبَ عند الله من ريح المسك، وإذا كان أطيبَ عند الله من ريح المسك فإنَّه لا ينبغي أن يُزالَ، بدليل أنَّ دمَ الشَّهيد الذي عليه لا يُزالُ، بل يجب أن يبقى عليه وأن يُدفن في ثيابه وبدمائه، كما أمر النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بذلك في شُهداء أحد، قالوا: فكلُّ ما كان ناشئاً عن طاعة الله فإنه لا ينبغي إزالتُُه، ولذلك كُرِه للصَّائم التَّسوُّك بعد الزَّوال، وأما قبل الزَّوال فقالوا: يُستحب بيابس ويُباح برطب. فجعلوا السِّواك للصَّائم على ثلاثة أوجه: مباح برطب قبل الزَّوال، ومسنون بيابس قبل الزَّوال، ومكروه بعد الزَّوال مطلقاً. شرح الممتع 1/95]

فلو تغير فمه بعد الزوال بسبب آخر كنوم أو غيره فاستاك لأجل ذلك لا يكره 

القول الثانى: وقيل لا يكره الاستياك مطلقا وبه قال الأئمة الثلاثة ورجحه النووي في شرح المهذب 
القول الثالث: وقال القاضي حسين : يكره في الفرض دون النفل خوفا من الرياء 

وقول المصنف "للصائم" يؤخذ منه أن الكراهة تزول بغروب الشمس وهذا هو الصحيح في شرح المهذب : وقيل تبقى الكراهة إلى الفطر والله أعلم [4]


ثم السواك يتأكد استحبابه في مواضع منها:


عند تغير الفم 
من أزم وغيره -والأزم قيل السكوت الطويل وقيل هو ترك الأكل- 
ويدخل فيه ما إذا تغير بأكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل ونحوهما 


ومنها عند القيام من النوم " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من النوم استاك "[5] وروي " يشوص فاه بالسواك "[6] ومعنى "يشوص" : ينظف ويغسل ووجه تأكيد الاستحباب عند القيام منه أن النوم يستلزم ترك الأكل والسكوت وهما من أسباب التغير 

عند القيام إلى الصلاة
ومنها عند القيام إلى الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم : 
  • " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " [7] 
  • وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك "[8] 
والسواك متأكد عند القيام إلى الصلاة وإن لم يكن الفم متغيرا ولا فرق بين صلاة الفرض والنفل حتى لو صلى صلاة ذات تسليمات كالضحى والتراويح والتهجد استحب له أن يستاك لكل ركعتين وكذا للجنازة والطواف ولا فرق بين الصلاة والوضوء أو التيمم أو عند فقد الطهورين 

عند الوضوء
ويتأكد الاستحباب أيضا عند الوضوء وإن لم يصل 
لما ورد : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء "[9] 

عند قراءة القرآن
ويستحب عند قراءة القرآن وعند اصفرار الأسنان وإن لم يتغير الفم







 



بما يحصل الاستياك؟
واعلم أنه يحصل الاستياك بخرقة وبكل خشن مزيل والعود أولى والأراك أولى والأفضل أن يكون بيابس ندى بالماء ويستحب غسله ليستاك به ثانيا 
ولو استاك بإصبع وغيره وهي خشنة أجزأ قطعا قاله في شرح المهذب 
وفي إصبعه خلاف : 
الراجح في الروضة لا يجزىء 
والراجح في شرح المهذب الإجراء وبه قطع القاضي حسين والمحاملي والبغوي والشيخ أبو حامد واختاره الروياني في البحر [10]

ولا بأس أن يستاك بسواك غيره بإذنه  [11]
ويستحب أن يستاك بيمينه وبالجانب الأيمن من فمه وأن يمره على سقف حلق إمرارا لطيفا وكراسي أضراسه وينوي بالسواك السنة 

ويستحب  
عند دخول المنزل 





وعند إرادة النوم والله أعلم



_________________________________________
[1] قال الشيخ العثيمين: وقوله: "باب السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوء": بعضُ العلماء قال: باب السِّواكِ وسُنَنِ الفِطْرة، والمناسبة أنَّ السِّواك من الفِطْرة.
وبعضهم قال: باب السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوء؛ لأنَّه لما كان السِّواك من سُنَنِ الوُضوء قَرَنَ بقيةَ السُّنن بالسِّواك، وإلا فالأصل أن السُّنَنَ تُذْكَرُ بعد ذِكْرِ الواجبات والأركان، كما فعلوا ذلك في كتاب الصَّلاة، وإنما قُدِّمَ السواكَ على الوُضُوء وهو من سُنَنِه لوجهين:
الأول: أنَّ السِّواك مَسْنُون كلَّ وقت، ويتأكَّد في مواضع أخرى غير الوُضُوء .
والثَّاني: أنَّ السِّواك من باب التطهير فله صِلَةٌ بباب الاستنجاء.
[2] 
[4] وقال بعض العلماء: إنه لا يُكرَهُ للصَّائم مطلقاً، بل هو سُنَّةٌ في حَقِّه كغيره. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
واستدلُّوا: بعموم الأدلة الدَّالَّة على سُنِّيَّةِ السِّواك؛ كحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ السابق، فإن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لم يستثنِ شيئاً، والعام يجب إبقاؤه على عمومه، إلا أن يَرِدَ مخصِّص له، وليس لهذا العموم مخصِّصٌ قائم.
وأما حديث عليٍّ فضعيف لا يَقْوَى على تخصيص العموم؛ لأنَّ الضَّعيف ليس بحُجَّة، فلا يَقْوَى على إثبات الحكم، وتخصيص العموم حكم؛ لأنه إخراج لهذا المخصَّصِ عن الحكم العام؛ وإثبات حكم خاصٍّ به، فيحتاج إلى ثبوت الدَّليل المخصِّصِ، وإلا فلا يُقْبلُ.
وأما التَّعليل فعليل من وجوه:
الوجه الأول: أن الذين قتلوا في سبيل الله، أُمِرْنا بأن نُبقِيَ دماءهم؛ لأنهم يُبْعثونَ يوم القيامة، الجرح يَثْعُبُ دماً، اللونُ لونُ الدَّمِ، والرِّيحُ ريح ُالمسكِ، فلا ينبغي أن يُزالَ هذا الشَّيءُ الذي سيوجدُ يوم القيامة.
ونظير هذا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في الذي مات في عرفة "كَفِّنُوه في ثَوبيه" ولهذا ينبغي فيمن مات محرماً أن لا نطلب له خِرْقَة جديدة، بل نكفِّنُه في ثياب إحرامه التي عليه؛ لأنه كما قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "يُبعث يوم القيامة ملبِّياً". 
[7] يدلُّ على أنه ليس بواجب، لأنه لو كان واجباً لشَقَّ عليهم.، ولا يدلُّ على أنه ليس بمسنون، أو ليس مأموراً به، بل لولا المشقَّة لكان واجباً لأهميَّته.
[10] وقال بعض العلماء ...... إنه يحصُل من السُّنِّيَّة بقدر ما حصل من الإنقاء.
وقد رُوي عن عليِّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ في صفة الوُضُوء أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "أدخل بعضَ أصابعه في فيه..." وهذا يدلُّ على أن التَّسوُّك بالأصبع كافٍ، ولكنَّه ليس كالعُود؛ لأن العود أشدُّ إنقاءً.
لكن قد لا يكون عند الإنسان في حال الوُضُوء شيء من العيدان يَستاكُ به، فنقول له: يجزئ بالأصبع.









Sunday, February 19, 2012

Lupa Basmalah saat menyembelih

فَصْلٌ : وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الذَّبِيحَةِ مُعْتَبَرَةٌ حَالَ الذَّبْحِ ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ ، كَمَا تُعْتَبَرُ عَلَى الطَّهَارَةِ .
وَإِنْ سَمَّى عَلَى شَاةٍ ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَذَبَحَهَا بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ ، لَمْ يَجُزْ ، سَوَاءٌ أَرْسَلَ الْأُولَى أَوْ ذَبَحَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الثَّانِيَةَ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ .
وَإِنْ رَأَى قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ ، فَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ .
ثُمَّ أَخَذَ شَاةً فَذَبَحَهَا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ ، لَمْ يَحِلَّ .
وَإِنْ جَهِلَ كَوْنَ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ ، لَمْ يَجْرِ مَجْرَى النِّسْيَانِ ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ يُسْقِطُ الْمُؤَاخَذَةَ ، وَالْجَاهِلُ مُؤَاخَذٌ ، وَلِذَلِكَ يُفْطِرُ الْجَاهِلُ بِالْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ دُونَ النَّاسِي .
وَإِنْ أَضْجَعَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا ، وَسَمَّى ، ثُمَّ أَلْقَى السِّكِّينَ ، وَأَخَذَ أُخْرَى ، أَوْ رَدَّ سَلَامًا ، أَوْ كَلَّمَ إنْسَانًا ، أَوْ اسْتَسْقَى مَاءً ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَذَبَحَ ، حَلَّ ، لِأَنَّهُ سَمَّى عَلَى تِلْكَ الشَّاةِ بِعَيْنِهَا ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ .


مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ وَيَقُولُ عِنْدَ الذَّبْحِ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ .
وَإِنْ نَسِيَ فَلَا يَضُرُّهُ .
ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ إذَا ذَبَحَ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ } وَفِي حَدِيثِ أَنَسٌ : وَسَمَّى وَكَبَّرَ .
وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ .
وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ ، وَلَا نَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِ هَذَا خِلَافًا ، وَلَا فِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ مُجْزِئَةٌ .
وَإِنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ ، أَجْزَأَهُ ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الذَّبَائِحِ .
وَإِنْ زَادَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي ، أَوْ مِنْ فُلَانٍ .
فَحَسَنٌ .
وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يُكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } .
وَلَنَا ، { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِكَبْشٍ لَهُ لِيَذْبَحَهُ ، فَأَضْجَعَهُ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ .
ثُمَّ ضَحَّى } .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ ، بِسْمِ اللَّهِ ، وَاَللَّهُ اكْبَرْ .
ثُمَّ ذَبَحَ } .
وَهَذَا نَصٌّ لَا يُعَرَّجُ عَلَى خِلَافِهِ .
( 7889 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ عَمَّنْ لِأَنَّ النِّيَّةَ تُجْزِئُ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ النِّيَّةَ تُجْزِئُ ، وَإِنْ ذَكَرَ مَنْ يُضَحِّي عَنْهُ فَحَسَنٌ ؛ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ .
قَالَ الْحَسَنُ : يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ ، هَذَا مِنْك وَلَك ، تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ .
وَكَرِهَ أَهْلُ الرَّأْي هَذَا .
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا .


المغني 21/497 من الشاملة


قوله: "ويقول: بسم الله، والله أكبر" ، أي: يقول: "بسم الله" وجوباً؛ لأن من شرط حل الذبيحة أو النحيرة التسمية، و "الله أكبر" استحباباً، وكان أحد الخطباء يخطب يوم العيد ويقول: السنة أن يقول عند الذبح: بسم الله وجوباً والله أكبر استحباباً، فذهبت العامة وصار الواحد منهم يقول: بسم الله وجوباً والله أكبر استحباباً، يظن أن هذا هو المشروع، ولهذا ينبغي للخطيب أن يكون عنده انتباه؛ لأن العامة ليسوا كطلبة العلم فيقول: بسم الله والله أكبر، أما: "بسم الله" فواجبة، وأما الله أكبر فمستحبة، حتى لا يختلط الأمر على الناس.
والتسمية على الذبيحة شرط من شروط صحة التذكية، ولا تسقط لا عمداً ولا سهواً ولا جهلاً؛ وذلك لأنها من الشروط، والشروط لا تسقط عمداً ولا سهواً ولا جهلاً؛ ولأن الله قال: { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ، فقال: { مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } ولم يقيد ذلك بما إذا ترك اسم الله عليه عمداً، وهنا يلتبس على بعض الناس فيقول: أليس الله قد قال: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة: 286] ؟ فنقول: بلى قال الله ذلك، ولكن هنا فعلان:
الأول: فعل الذابح.
الثاني: فعل الآكل.


وكل واحد منهما يتميز عن الآخر، ولا يلحق هذا حكم هذا، ولذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم فيمن سألوه عن قوم حديثي عهد بالكفر يأتون باللحم، ولا يدرى أحدهم هل ذكر اسم الله عليه أم لا؟ قال: "سموا أنتم وكلوا" ؛ لأن الإنسان مطالب بتصحيح فعله، لا بتصحيح فعل غيره، فإن الفعل إذا وقع من أهله فإن الأصل السلامة والصحة، ونقول: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، فإذا أكلنا نسياناً أو جهلاً فليس علينا شيء لقوله تعالى: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة: 286] ، أما أن نعرف أن هذه الذبيحة لم يسم عليها، فلا يجوز أكلها.
وأما فعل الذابح: فإذا نسي التسمية، فقد قال الله تعالى: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة: 286] .
فإذا قال قائل: كيف تؤاخذونه وقد نسي؟! قلنا: لا نؤاخذه، فنقول: ليس عليك إثم بعدم التسمية، ولو تعمدت ترك التسمية لكنت آثماً لما في ذلك من إضاعة المال وإفساده، وأما الآن فلا شيء عليك؛ لأنك ناسٍ، ويظهر ذلك بالمثال المناظر تماماً لهذا:
لو صلى الإنسان وهو محدث ناسياً فليس عليه إثم، وصلاته باطلة يجب أن تعاد؛ لأن الطهارة من الحدث شرط، وإذا كانت شرطاً، فإنها لا تسقط بالنسيان، ولكن يعذر الفاعل فلا يأثم، وهذا واضح، وكذلك التسمية أيضاً.
وهذه المسألة أعني التسمية على الذبيحة، أو على الصيد اختلف فيها العلماء على أقوال هي:
الأول: أن التسمية لا تجب لا على الصيد، ولا على الذبيحة وإنما هي سنة، واستدلوا بحديث لا يصح: "ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله عليها" .
الثاني: أن التسمية واجبة وتسقط بالنسيان والجهل في الذبيحة والصيد.
الثالث: أن التسمية شرط في الذبيحة والصيد، وتسقط سهواً في الذبيحة، ولا تسقط في الصيد.

هذا هو المشهور عند فقهاء الحنابلة، أنه إذا ترك التسمية في الصيد ولو سهواً فالصيد حرام، وإن ترك التسمية سهواً في الذبيحة فهي حلال، ما هو الدليل؟
قالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعدي بن حاتم وأبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنهما - في إرسال السهم: إذا أرسلت سهمك وذكرت اسم الله عليه فكل" ، فجعل لحِلِّ الأكل شرطين هما:
الأول: القصد وهو إرسال السهم.
الثاني: التسمية.
ونقول: وقد قال أيضاً في الذبيحة: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا" ، فاشترط شرطين هما:
الأول: إنهار الدم.
الثاني: التسمية.
ولا فرق، ثم نقول: إذا كنا نعذره بالنسيان على الذبيحة، فعلى الصيد من باب أولى، لأن الصيد يأتي بغتة بعجلة وسرعة، وأهل الصيود يذهلون إذا رأوا الصيد، حتى إنه أحياناً يسقط في حفرة أو تضربه نخلة أو شجرة، وهو لا يشعر، فهذا أحق بالعذر من إنسان أتى بالبهيمة بتأنٍ وأضجعها، ونسي أن يقول بسم الله.
القول الرابع: أن التسمية شرط في الذبيحة وفي الصيد، ولا تسقط بالنسيان والجهل، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو الذي تدل عليه الأدلة.
فإن قال قائل: أرأيتم لو نسي أن يسمي على بعير، قيمته خمسة آلاف ريال وقلنا: لا تحل، فتضيع خمسة آلاف ريال.
فيقال: هذا من جملة ما يقدر الله للإنسان أن يضيع عليه.
فإن قيل: تتلفون أموال الناس بهذا.
قلنا: هذا كقول من قال: إذا قطعتم يد السارق أصبح نصف الشعب أشل ليس عنده يد، مع أنه لو قطعت يد السارق قلَّت السرقة ولم يسرق أحد، وكذلك إذا قلنا لهذا الرجل - الذي نسي أن يسمي على الذبيحة -: ذبيحتك حرام، فإذا جاء يذبح مرة ثانية: فيمكن أن يسمي عشر مرات لا ينسى أبداً، فقد اكتوى بنار النسيان، وبهذا نحمي هذه الشعيرة، وأنه لا بد من ذكر اسم الله على المذبوح.
شروط الذكاة:
الأول: التسمية، وقد سبق خلاف العلماء في حكمها.



شرح الممتع 7/301-303 من الشاملة





Thursday, February 16, 2012

Macam-macam bejana الأواني


الأواني

جلود الميتة

وجلود الميتة تطهر بالدباغ[disamak] إلا جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما
الحيوان الذي ينجس بالموت إذا دبغ جلده يطهر بالدباغ سواء في ذلك مأكول اللحم وغيره [1]

 دليل
والأصل في ذلك حديث ميمونة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم في شاتها : " لو أخذتم إهابها فقالوا : إنها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يطهره الماء والقرظ "[2]
وعن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دبغ الإهاب فقد طهر "[3]

ثم إذا دبغ الجلد طهر ظاهره قطعا وكذا باطنه على المشهور الجديد 
  • فيصلي عليه وفيه 
  • ويستعمل في الأشياء اليابسة والرطبة[4]
  • ويجوز بيعه وهبته والوصية به 

وهل يجوز أكله من مأكول اللحم ؟ 
رجح الرافعي الجواز 
ورجح النووي التحريم

ويكون الدباغ بالأشياء الحرّيفة (zat yang digunakan unt menyamak kulit)كالشبّ (jenis batu) والشت (bagian tertentu dari sebuah pohon yang tumbuh di pegunungan ghour, tuhamah dan najd ) والقرظ (daun) وقشور الزمان (kulit buah) والعفص (buah dari pohon oak)

الشب
القرظ
العفص


 ويحصل الدباغ بالأشياء المتنجسة والنجسة كذرق الحمام (kotoran burung) على الأصح 
ولا يكفي التجميد بالتراب والشمس على الصحيح 
ويجب غسله بعد الدباغ إن دبغ بنجس قطعا وكذا إن دبغ بطاهر على الأصح 

قال الأصحاب : ويعتبر في كونه صار مدبوغا ثلاثة أمور :
أحدهما : نزع فضلاته
الثاني : أن يطيب نفس الجلد
الثالث : أن ينتهي في الدبغ إلى حالة بحيث لو نقع في الماء لم يعد الفساء والنتن والله أعلم 


وأما جلد الكلب والخنزير وفرع أحدهما فلا يطهر بالدباغ عندنا بلا خلاف لأنهما نجسان في حال الحياة والدباغ إنما يطهر جلدا نجس بالموت، لأن غاية الدباغ نزع الفضلات ودفع الاستحالات ومعلوم أن الحياة أبلغ في ذلك من الدباغ فإذا لم تفد الحياة الطهارة فأولى أن لا يفيد الدباغ 

وعظم الميتة وشعرها نجس إلا الآدمي

دليل
الأصل في ذلك قوله تعالى : { حرمت عليكم الميتة }[5] وتحريم ما ليس بحرم ولا ضرر في أكله يدل على نجاسته ولا شك أن العظم والشعر من أجزاء الحيوان 

نعم في الشعر خلاف في أنه ينجس بالموت أم لا وهو قولان 

أحدهما لا ينجس لأنه لا تحله الحياة فلا روح فيه فلا ينجس بالموت 

بدليل  
أنه إذا قطع لا يحس ولا يألم 
وأظهرهما أنه ينجس وهو الذي جزم به الشيخ، لأنه حلته الحياة فينجس وإلا فينجس تبعا للجملة لأنه من جملتها كما يجب غسله في الطهارة والجنابة
 

وأما العظم ففيه خلاف

 قيل إنه كالشعر 
والمذهب القطع بنجاسته لأنه يحس ويألم بالقطع 

والصوف والوبر والريش كالشعر 

فإذا قلنا بنجاسة الشعر ففي شعر الآدمي قولان 

بناء على نجاسته بالموت إن قلنا ينجس بالموت فكذا ينجس شعره 
وإن قلنا لا ينجس وهو الراجح فلا ينجس شعره بالموت على الأصح والله أعلم 



أواني الذهب والفضة

ولا يجوز استعمال أواني الذهب والفضة ويجوز استعمال غيرهما من الأواني
 

دليل
  • لما في الحديث الصحيح من رواية حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة
  • وفي مسلم : " الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " وفي رواية : " من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه من نار جهنم " وفي رواية " إن الذي يأكل ويشرب " الحديث 

شرح لألفاظ الحديث
وجيم "يجرجر" الثانية مكسورة بلا خلاف قال النووي وفي الإقليد حكاية الخلاف 
وأما "النار" فيجوز فيها الرفع والنصب 
والنصب هو الصحيح ومعناه: " أن الشارب يلقي النار في بطنه بتجرع متتابع يسمع له جرجرة" وهي الصوت التردده في حلقه 
وعلى رواية الرفع تكون النار فاعلة ومعناه: " أن النار تصوت في جوفه" عافانا الله تعالى منها ومن فعل يقربنا إليها

قال النووي في شرح مسلم : قال أصحابنا انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب وسائر الاستعمال[6] في إناء ذهب أو فضة إلا ما حكي عن داود وقول قديم للشافعي إنه يكره 
والمحققون لا يعتدون بخلاف داود وكلام الشافعي مؤول كما قاله صاحب التقريب مع أن الشافعي رجع عن هذا القديم 

فحصل أن الإجماع منعقد على تحريم استعمال إناء الذهب والفضة 
في الأكل، والشرب، والطهارة، والأكل بملعقة من أحدهما، والتبخر بمبخرة منهما، 
وجميع وجوه الاستعمال ومنها المكحلة، والميل، وظرف الغالية، 
وغير ذلك سواء الإناء الصغير، والكبير
ويستوي في التحريم الرجل والمرأة بلا خلاف وإنما فرق بين الرجل والمرأة في التحلي لقصد زينة النساء للزوج والسيد 
ويحرم استعمال ماء الورد والأدهان في قماقم الذهب والفضة هذا هو الصحيح وفي القناني 
وكذا يحرم تزيين الحوانيت، والبيوت، والمجالس، بأواني الذهب والفضة : هذا هو الصواب 
وجوزه بعض الأصحاب وهو غلط لأن كل شيء أصله حرام فالنظر إليه حرام 
وقد نص الشافعي والأصحاب أنه لو توضأ أو اغتسل من إناء ذهب أو فضة عصى 
ويحرم اتخاذ هذه الأواني من غير استعمال على الصحيح لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالآت اللهو، عافانا الله الكريم من تعاطي ما هو سبب للنار 
ويحرم على الصائغ صنعته ولا يستحق أجرة لأن فعله معصية، ولو كسر شخص هذه الأواني فلا أرش عليه ولا يحل لأحد أن يطاله بالأرش ولا رفعه إلى ظالم من حكام زماننا لأنهم جهلة ويتعاطون هذه الأواني حتى يشربون المسكر مع آلات اللهو 

دليل
  • وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يمسخ ناس من أمتي في آخر الزمان قردة وخنازير" قالوا : يارسول الله أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ قال : "بلى ولكنهم اتخذوا المعازف والقينات فباتوا على لهوهم ولعبهم فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير
  • وفي حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من جلس إلى قينة يستمع منها صب في أذنيه الآنك " والآنك بضم النون والمد هو الرصاص المذاب والله أعلم

أواني غير الذهب والفضة فإن كانت من الجواهر النفيسة 

وأما أواني غير الذهب والفضة فإن كانت من الجواهر النفيسة كالياقوت والفيروزج ونحوهما فهل تحرم ؟ فيه خلاف 
قيل تحرم لما فيها من الخيلاء والسرف وكسر قلوب الفقراء والصحيح أنها لا تحرم ولا خلاف أنه لا يحرم الإناء الذي نفاسته في صنعته ولا يكره كلبس الكتان والصوف النفيسين


إناء من نحاس ونحوه وموهه بالذهب أو الفضة
لو اتخذ إناء من نحاس ونحوه وموهه بالذهب أو الفضة إن حصل بالعرض على النار منه شيء حرم على الصحيح 
وإن لم يحصل بالعرض على النار منه شيء ----- فالمرجح في هذا الباب أنه لا يحرم 
                                           ----- والمرجح في باب زكاة النقدين أنه يحرم 
قال النووي في شرح المهذب : ولو موه السيف وغيره من آلات الحرب أو غيرها بذهب تمويها لا يحصل منه بالعرض على النار شيء فطريقان أصحهما وبه قطع العراقيون التحريم للحديث ويدخل فيه الخاتم والدواة والمرملة وغيرها فليتجنب ذلك والله أعلم 

قال في شرح المهذب : وتمويه سقف البيت وجداره بالذهب أو الفضة حرام قطعا ثم إن حصل منه شيء بالعرض على النار حرمت استدامته (؟) وإلا فلا وتبعه ابن الرفعة على الجزم بذلك والله أعلم
_____________________________
[1]
[2]
الطلح في القرآن:
﴿وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ﴾ {الواقعة/29}

ما هو الطلح؟
الطَلْح شجرة نبت في الصحراء ويسمى السَنْط أو الأَقَاقِيَا (وفي اليونانية: أَكَاكْيَا) أو القَرَظ، وهو على قدر من السمية ويتميز بطول الأشواك. (1)
[3] ويدلُّ لذلك أنَّ الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ توضَّأ وأصحابه من مزادة امرأة مشركة(1)، وذبائح المشركين نجسة، وهذا يدلُّ على إباحة استعماله في الرَّطب، وأنه يكون طاهراً.


 الصحيح أن الاتخاذ والاستعمال في غير الأكل والشرب ليس بحرام وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما نهى عن شيء مخصوص ، وهو الأكل والشرب ، والنبي صلى الله عليه وسلم أبلغُ الناس وأفصحهم وأبينهم في الكلام لا يخصّ شيئاً دون شيء إلا لسبب ، ولو أراد النهي العام لقال : " لا تستعملوها " ، فتخصيصه الأكل والشرب بالنهي دليل على أن ما عداهما جائز ، لأن الناس ينتفعون بهما في غير ذلك ولو كانت الآنية من الذهب والفضة محرّمة مطلقاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكسيرها ، كما كان صلى الله عليه وسلم لا يدع شيئاً فيه تصاوير إلا كسّره ، فلو كانت محرّمة مطلقاً لكسرها ، لأنه إذا كانت محرمة في كل الحالات ما كان لبقائها فائدة ، ويدلّ لذلك أن أم سلمة وهي راوية حديث : " والذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " كان عندها جلجل من فضة جعلت فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فكان الناس يستشفُون بها،فيُشفَوْنَ - بإذن الله - وهذا الحديث ثابت في صحيح البخاري ، وفيه استعمال لآنية الفضة لكن في غير الأكل والشرب ، فالصحيح أنه لا يحرم إلا ما حرّمه الرسول صلى الله عليه وسلم في الأوني وهو الأكل والشرب.







Wednesday, February 8, 2012

Macam-macam air (أقسام المياه)


مذكرة لدراسة كتاب كفاية الأخيار 
 
كتاب الطهارة
 
تعريف الكتاب
الكتاب مشتق من الكتب وهو الضم والجمع يقال تكتب بنو فلان : إذا اجتمعوا ومنه كتيبة الرمل
 
تعريف الطهارة
و الطهارة اللغة: النظافة تقول طهرت الثوب : أي نظفته
وفي الشرع: عبارة عن رفع الحدث أو إزالة النجس أو ما في معناهما أو على صورتها كالغسلة الثانية والثالثة، والأغسال المسنونة، وتجديد الوضوء، والتيمم وغير ذلك مما لا يرفع حدثا ولا يزيل نجسا ولكنه في معناه 

أنواع الماء المطلق
المياه التي يجوز بها التطهير سبع مياه : ماء السماء، وماء البحر، وماء النهر، وماء البئر، وماء العين، وماء الثلج، وماء البرد.

الأدلة لكل نوع من المياه
  • الأصل في ماء السماء قوله تعالى : { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به }[1] وفي غيرها 
  • وفي ماء البحر قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ماء البحر فقال : [ هو الطهور ماؤه الحل ميتته ] [2]
  • وفي ماء البئر حديث سهل رضي الله تعالى عنه : [ قالوا يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة وفيها ما ينجي الناس والحائض والجنب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الماء طهور لا ينجسه شيء ] [3] و ماء النهر و ماء العين في معناه.

وأما ماء الثلج و ماء البرد فالأصل فيه حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه واسمه عبد الرحمن بن صخر على الأصح قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنيه قبل أن يقرأ فقلت : يارسول الله ما تقول ؟ قال : أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس : اللهم اغسلني من خطاياي بماء الثلج والبرد ] [4] 

أقسام المياه:
 
المياه على أربعة أقسام : 
القسم الأول: طاهر مطهر غير مكروه وهو الماء المطلق 

تعريف الماء المطلق
الماء الذي يرفع الحدث ويزيل النجس هو الماء المطلق واختلف في حده فقيل: 
تعريف الأول: هو العاري عن القيود والإضافة اللازمة [5]

شرح التعريف
فقوله : "عن القيود" خرج به مثل قوله تعالى : { من ماء مهين }[6]، { من ماء دافق } [7] 
وقوله "الإضافة اللازمة" خرج به مثل: ماء الورد ونحوه، واحترز بالإضافة الإضافة غير اللازمة كماء النهر ونحوه فإنه لا تخرجه هذه الباقي على وصف خلقته 

تعريف الثانى: ما يسمى ماء 

شرح التعريف
وسمي "مطلقا" لأن الماء إذا أطلق انصرف إليه [8].

القسم الثانى من المياه: وطاهر مطهر مكروه وهو الماء المشمس

هذا هو القسم الثاني من أقسام الماء وهو الماء المشمس وهو طاهر في نفسه لم يلق نجاسة، و مطهر أي يرفع الحدث ويزيل النجس لبقاء إطلاق اسم الماء عليه.

سؤال: وهل يكره ؟ فيه الخلاف
القول الأول: الأصح عند الرافعي أنه يكره وهو الذي جزم به المصنف.

وإذا قلنا بالكراهة فهي كراهة تنزيه لا تمنع صحة الطهارة ويختص استعماله بالبدن وتزول بالتبريد على الأصح[9]

يكره المشمس بشرطين :
أحدهما : أن يكون التشميس في الأواني المنطبعة كالنحاس والحديد والرصاص لأن الشمس إذا أثرت فيها خرج منها زهومة تعلو على وجه الماء ومنها يتولد البرص ولا يتأتى ذلك في إناء الذهب والفضة لصفاء جوهرهما لكنه يحرم استعمالهما على ما يأتي ذكره فلو صب الماء المشمس من إناء الذهب والفضة لإي إناء مباح لا يكره لفقد الزهومة وكذا لا يكره في أواني الخزف وغيرها لفقد العلة
الشرط الثاني : أن يقع التشميس في البلاد الشديدة الحرارة دون الباردة والمعتدلة فإن تأثير الشمس فيهما ضعيف ولا فرق بين أن يقصد التشميس أو لا لوجود المحذور ولا يكره المشمس في الحياض والبرك بلا خوف

دليل القول الأول
  • واحتج له الرافعي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ نهى عائشة رضي الله تعالى عنها عن المشمس وقال إنه يورث البرص ] [10]
  • وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من اغتسل بماء مشمس فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه ][11]
  • وكرهه عمر رضي الله تعالى عنه وقال : [ إنه يورث البرص ][12]

وهل الكراهة شرعية أو إرشادية ؟ فيها وجهان: 
الوجه الأول: أصحهما في شرح المهذب أنها شرعية فعلى هذا يثاب على ترك استعماله 
الوجه الثانى: أنها إرشادية لا يثاب فيها، لأنها من وجهة الطب 

القول الثانى: إن المشمس لا يكره مطلقا، وعزاه الرافعي إلى الأئمة الثلاثة 

القول الثالث: يراجع الأطباء

الراجح
[عدم الكراهية] قال النووي في زيادة الروضة : وهو الراجح من حيث الدليل وهو مذهب أكثر العلماء، وليس للكراهية دليل يعتمد.

فائدة
قال النووي في زيادة الروضة : ويكره شديد الحرارة والبرودة، والعلة فيه عدم الإسباغ.
وقال في آبار ثمود : إنه منهي عنها، فأقل المراتب أنه يكره استعمالها. 

القسم الثالث من المياه: طاهر غير مطهر

الماء المستعمل

هذا هو القسم الثالث من أقسام الماء وهو الماء المستعمل في رفع الحدث أو إزالة النجس إذا لم يتغير [طعمه أو ريحهولا زاد وزنه فهو طاهر 

دليل
  • لقوله عليه الصلاة والسلام : [ خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه ][13] 
  • وما رواه البخاري (191) ومسلم (1616) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء رسول الله r يعودني وأنا مريض لا أَعْقِلُ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ مِنْ وَضوئِهِ عَلي. [لا أعقل: أي في حالة غيبوبة من شدة المرض. من وضوئه: الماء الذي توضأ به] ولو كان غير طاهر لم يصبه عليه[13 أ].
وهل هو طهرو برفع الحدث ويزيل النجس أيضا ؟ فيه خلاف 

المذهب أنه غير طهور [13 ب ].

الدليل
  • ودليل كونه غير مطهر ما رواه مسلم (283) وغيره: عن أبي هريرة t أن النبي r قال: " لاَ يَغْتَسِلْ أَحدُكُمْ في المَاءِ الدَّاثِمِ ـ أي الراكد ـ وَهُوَ جُنُب " فقالوا: يا أبا هريرة، كيف نفعل؟ قال: يتناوله تناولاً وحكم الوضوء في هذا حكم الغسل لأن المعنى فيهما واحد، وهو رفع الحدث [14].
    فقد أفاد الحديث: أن الاغتسال في الماء يخرجه عن طهوريته، وإلا لم ينه عنه، وهو محمول على الماء القليل لأدلة أخرى.
  • لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم مع شدة اعتنائهم بالدين ما كانوا يجمعونه ليتوضؤوا به ثانيا، ولو كان ذلك سائغا لفعلوه 

واختلف الأصحاب في علة منع استعماله ثانيا 
  • والصحيح أنه تأدى به فرض 
  • وقيل إنه تأدى به عبادة [15]

والمتغير بما خالطه من الطاهرات

هذا من تتمة القسم الثالث وتقدير الكلام والماء المتغير بشيء من الطاهرات طاهر في نفسه غير مطهر كالماء المستعمل 

وقوله "بما خالطه" احترازا عما إذا تغير بما يجاوره ولو كان تغيرا كثيرا فإنه باق على طهوريته، كما إذا تغير بدهن أو شمع وهذا هو الصحيح لبقاء اسم الماء 

ضوابط التغير 
  1. وضابطه أن كل تغير يمنع اسم الماء المطلق يسلب الطهورية وإلا فلا، فلو تغير تغيرا يسيرا فالأصح أنه طهور لبقاء الاسم 
  2. ويكفي في التغير أحد الأوصاف الثلاثة : الطعم أو اللون أو الرائحة على الصحيح، وفي وجه ضعيف يشترط اجتماعها
  3. ولا فرق بين التغير المشاهد أو التغير المعنوي، كما إذا اختلط بالماء ما يوافقه في صفاته ماء الورد المنقطع الرائحة، وماء الشجر، والماء المستعمل فإنا نحكم بسلب طهورية هذا الماء الذي وقع فيه من المائع ما يوافقه في صفاته وإلا فلا يسلبه الطهورية 


أنواع الخالط

الزعفران والجص (kapur)
ولا بد أن يكون الواقع في الماء مما يستغنى عنه كالزعفران والجص ونحوهما 

الطين، والطحلب(lumut)، والنورة (bata)، والزرنيخ (racun serangga)
أما إذا كان التغير بما لا يستغني الماء عنه كالطين والطحلب والنورة والزرنيخ وغيرهما في مقر الماء وممره والمتغير بطول المكث، فإنه طهور للعسر وبقاء اسم الماء، ولو تغير الماء بالتراب المطروح فيه قصدا فهو طهور على الصحيح 

الملح
والمتغير بالملح فيه أوجه : أصحها يسلب طهوريته الجبلي دون المائي 

أوراق الأشجار
ولو تغير الماء بأوراق الأشجار المتناثرة بنفسها إن لم تتفتت (terpotong-potong) في الماء فهو طهور على الأظهر وإن تفتتت واختلطت فأوجه : الأصح أنه باق على طهوريته لعسر الاحتراز عنها. 
فلو طرحت الأوراق في الماء قصدا وتغير بها فالمذهب أنه غير طهور سواء طرحها في الماء صحيحة أو مدقوقة والله أعلم 

القسم الرابع من المياه: ماء نجس

تعريف 
وماء نجس وهو "الذي حلت فيه نجاسه وهو دون القلتين أو كان قلتين فتغير"
هذا هو القسم الرابع من المياه وهو كما ذكره ينقسم إلى قليل وكثير

شرح التعريف

وقوله : "حلت فيه نجاسة" احترز به عما لو تروح الماء بجيفة ملقاة على شط الماء فإنه لا ينجس لعدم الملاقاة 

وقوله : "فتغير" احترز به عما إذا لم يتغير الماء الكثير بالنجاسة وقد تكون قليلة وتستهلك في الماء فإنه لا ينجس ويستعمل جميع الماء على المذهب الصحيح 
القول الثانى: وفي وجه يبقى قدر النجاسة  

و"القلتان" خمسمائة رطل بالعراقي تقريبا في الأصح

واحترز بـــ "النجاسة المؤثرة" عن غير المؤثرة

دليل
لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر لا ينجسه شيء ] [16]
قال الشافعي رضي الله عنه قال ابن جريح : رأيت قلال هجر، والقلة تسع قربتين وشيئا فاحتاط الشافعي رضي الله تعالى عنه وجعل الشيء نصفا، والقربة لا تزيد في الغالب على مائة رطل وحينئذ فجملة ذلك خمس قرب وهي خمسمائة رطل بالعراقي

وهل ذلك على سبيل التقريب أو التحديد ؟
الأصح أنه على سبيل التقريب فعلى هذا الأصح أنه لا يضر نقصان قدر لا يظهر بنقصه تفاوت في التغير بقدر من المتغيرات

مثاله
لو وضعنا قدر رطل من المغيرات في خمسمائة رطل ووضعنا قدر رطل ما تأثرت فهذا النقصان لا يؤثر
فلو وضعنا قدر رطل من المتغيرات في خمسمائة رطل إلا خمسة أرطال مثلا فأثر قلنا هذا النقص يؤثر  

وعلى قول التحديد يضر أي نقص كان كنصب الزكاة
وقيل يعفى عن نقص رطلين، وقيل ثلاثة ونحوها

وقدر القلتين بالمساحة ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا وقدرهما بالدمشقي مائة وثلاثون درهما والله أعلم

الماء القليل

القول الأول: فأما القليل فينجس بملاقاة النجاسة المؤثرة سواء تغير أم لا
كما أطلقه الشيخ لمفهوم قوله عليه الصلاة والسلام : [ إذا بلغ قلتين لم يحمل خبثا ][16] وفي رواية [نجسا ] [17] فدل الحديث بمفهومه على أنه إذا كان دون قلتين يتأثر بالنجاسة 


الأمثلة
قال النووي في الروضة : كالميتة التي لا نفس لها سائلة مثل الذباب، والخنافس ونحوها 
  • وكالنجاسة التي لا يدركها الطرف لعموم البلوى به وكما إذا وقع الذباب على نجاسة ثم سقط في الماء. ورشاش البول الذي لا يدركه الطرف فيعفى عنه و
  • كما إذا ولغت الهرة التي تنجس فمها ثم غابت واحتمل طهارة فمها فإن الماء القليل لا ينجس في هذه الصور 
  • ويستثنى أيضا اليسير من الشعر النجس فلا ينجس الماء القليل صرح به النووي في باب الأواني من زيادته ونقله عن الأصحاب، ولا يختص بشعر الآدمي في الأصح أي تفريعا على نجاسة شعر الآدمي ويعرف اليسير بالعرف قال الإمام : لعله الذي يغلب انتتافه (tercabut)لكنه قال في شرح المهذب : يعفى عن الشعرة والشعرتين والثلاث.
  • ويستثنى أيضا الحيوان إذا كان على منفذه نجاسة ثم وقع في الماء فإنه لا ينجسه على الأصح لمشقة صونه ذكره الرافعي [في شروط الصلاة] بخلاف ما لو كان مستجمرا بحجر فإنه ينجسه بلا خلاف كما قال في شرح المهذب فإن المستجمر بالحجر ونحوه يمكنه الاحتراز(menghindarinya). 
  • ويستثنى أيضا ما إذا أكل الصبي شيئا نجسا ثم غاب واحتمل طهارة فمه كالهرة فإنه لا ينجس الماء القليل ذكر ذلك ابن الصلاح وهي مسألة حسنة
القول الثانى: وقال مالك رحمه الله تعالى : الماء القليل لا ينجس إلا بالتغير كالكثير وهو وجه في مذهبنا واختاره الروياني 

الماء الجاري

وفي قول قديم أن الماء الجاري لا ينجس إلا بالتغير واختاره جماعة منهم الغزالي والبيضاوي في كتابه غاية القصوى وهو قوي من حيث النظر

دليل
لأن دلالة [ خلق الله الماء طهورا ] [18] دلالة نطق وهي أرجح من دلالة المفهوم في قوله عليه الصلاة والسلام : [ إذا بلغ الماء قلتين ] [19] الحديث 

الماء الكثير

وأما الكثير وهو قلتان فصاعدا فلا ينجس إلا بالتغير بالنجاسة لقوله صلى الله عليه وسلم [ خلق الله الماء طهورا ] [20] الحديث والإجماع منعقد على نجاسته بالتغير، ثم لا فرق بين التغير اليسير والكثير سواء كانت النجاسة الملاقية للماء مخالطة أو مجاورة 
القول الثانى: وفي وجه شاذ أن النجاسة المجاورة لا تنجسه 


ولو وقع في الماء الكثير نجاسة توافقه في صفاته كبول منقطع الرائحة فإنا نقدره على ما تقدم في الطاهرات 
ولو وقع في الماء الكثير نجاسة جامدة فقولان:

القول الأول: الأظهر أنه يجوز له أن يغترف من أي موضع شاء ولا يجب التباعد لأنه طاهر كله
القول الثانى: والقول الآخر أنه يتباعد عن النجاسة قدر قلتين ولو تغير بعض الماء الكثير فالأصح في الرافعي الكبير نجاسة جميع الماء

الراجح
والأصح في زيادة الروضة إن كان الباقي دون قلتين فنجس وإلا فطاهر ورجحه الرافعي في الشرح الصغير والله أعلم

المتردد بين القليل والكثير

فرع : في زيادة الروضة إذا وقع في الماء نجاسة وشك هل هو قلتان أم لا ؟ فالذي جزم به الماوردي وغيره أنه نجس لتحقيق النجاسة والإمام فيه احتمال والمختار بل الصواب الجزم بطهارته لأن الأصل طهارته ولا يلزم من النجاسة التنجس والله أعلم 

_____________________________________________

[1] 
[2] 
[3] 
[4] 
[5] وهذا هو الصحيح في الروضة والمحرر ونص عليه الشافعي
[6]
[7]
[8] وهذا ما ذكره ابن الصلاح وتبعه النووي عليه في شرح المهذب.
[9] وما صححه من زوال الكراهية بالتبريد قد صحح الرافعي في الشرح الصغير بقاءها وقال في الشرح المهذب : الصواب أنه لا يكره.
[10] وحديث عائشة هذا ضعيف باتفاق المحدثين ومنهم من جعله موضوعا 
[11] وحديث ابن عباس غير معروف
[12] وكذا ما رواه الشافعي عن عمر بن الخطاب أنه يورث البرص ضعيف لاتفاق المحدثين على تضعيف إبراهيم بن محمد
قال المصنف: وما ذكره من أثر عمر رضي الله عنه فممنوع، ودعواه الاتفاق على تضعيف إبراهيم أحد الرواة غير مسلم، فإن الشافعي وثقه وفي توثيق الشافعي كفاية وقد وثقه غير واحد من الحفاظ ورواه الدارقطني بإسناد آخر صحيح. 
قال الألباني عن إبراهيم بن محمد: وابراهيم هذا وهو ابن محمد بن أبي بحيى الأسلمي متروك متهم عند أكثر العلماء وان احتج به الشافعي فقد خفي عليه حاله كما بينه ابن أبي حاتم في " مناقب الشافعي " وتكلف ابن عدي والبيهقي وغيرهما فحاولا تمشية حاله ! وقد حكى الحافظ في " التلخيص " ( ص 7 ) أقوال الأئمة الجارحين وفيهم من قال : كان يضع الحديث . ومنهم من قال : " لم يخرج الشافعي عن ابراهيم حديثا في فرض إنما جعله شاهدا " . فرد . الحافظ بقوله :" قلت : وفي هذا نظر والظاهر من حال الشافعي أنه كان يحتج به مطلقا وكم من أصل أصله الشافعي لا يوجد الا من رواية ابراهيم . وقال محمد بن سحنون : لا أعلم بين الأئمة اختلافا في ابطال الحجة به . وفي الجملة فإن الشافعي لم يثبت عنده الجرح فيه فلذلك اعتمده . والله أعلم " . قلت : ولذلك قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " : " متروك " . وكذا قال الذهبي في " الضعفاء " وزاد : " عند الجمهور وقال أبو داود : كان قدريا رافضيا مأبونا " . وقد توبع . فقال ابن أبى شيبة : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن زيد بن أسلم به مثل لفظ ابن غراب . هذا سند صحيح على شرط مسلم . قال الحافظ : " ورراه عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم به نحوه . وعلقه البخاري "(إرواء الغليل 1/ 49-50 من المكتبة الشاملة الإصدار الثانى). 
قال الألباني عن أثر عمر: "وأما أثر عمر الذي أشار إليه العقيلى فلا يصح عنه وله إسنادان : 
الإسناد الأول : قال الشافعي في " الأم " : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال : أخبرني صدقة بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر : " أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال : انه يورث البرص " . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في " سننه " ( 1 / 6 ) وفي " المعرفة " ( 1 / 4 ) وأطال الكلام فيه حول ابراهبم  هذا محاولا تمشية حاله ولكن عبثا، فالرجل متهم متروك كما سبق بيانه عند الحديث رقم (5 ) 
وهذا الإسناد مسلسل بالعلل : الأولى : ابراهيم المذكور . الثانية : صدقة بن عبد الله وهو أبو معاوية السمين قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . الثالثة : عنعنة أبي الزبير فإنه مدلس . 
قلت [الألباني] : ومع كل هذه العلل " وشدة ضعف إبراهيم شيخ الشافعي يقتصر الحافظ في " الدراية " على قوله : " إسناد ضعيف " ! 
الإسناد الثاني : عن حسان بن أزهر السكسكي قال : قال عمر : " لا تغتسلوا بالماء المشمس فانه يورث البرص " . أخرجه ابن حبان في " الثقات " في ترجمة حسان هذا ( 1 / 25 ) والدارقطني والبيهقي وسكتا عنه . وأعله ابن التركماني بإسماعيل بن عياش مع أنه من روايته عن الشاميين وهي صحيحة عند البخاري وغيره من الأئمة . وذلك مما يعرفه ابن التركماني ولكنه أعله به ملزما بذلك البيهقي لانه فعل مثله في غير هذا الأثر مع تصريحه في " باب ترك الوضؤ من الدم " بما ذكرنا من صحة روايته عن الشاميين . فهكذا يعمل التعصب المذهبي بأهل العلم !" 
على أن اسماعيل لم يتفرد بهذا بل تابعه عليه أبو المغيرة عبد القدوس عند ابن حبان وهو ثقة من رجال الشيخين فهل خفي هذا على ابن التركماني ؟ ! انما علة هذا الإسناد حسان هذا فإني لم أجد له ترجمة عند أحد سوى أن ابن حبان ذكره في " الثقات " وما أظن أنه يعرفه إلا في هذا الأثر وهو معروف بتساهله في التوثيق . ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى تضيف هذا الإسناد أيضا حين قال عقبه في " الدراية " : " وهو أصلح من الأول " . وما أحسن ما قال الشافعي رحمه الله كما في " معرفة البيهقي " : " ولا أكره الماء المشمس الا أن يكره من جهة الطب " (إرواء الغليل 1/ 53-54 من المكتبة الشاملة الإصدار الثانى).
[13] وفي رواية [ أو لونه ] وهو ضعيف.
[13أ] 
[13ب] والراجح أنه غير مكروه شرعا.
قال الشيخ ابن العثيمين: "الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يفتقر إلى دليل، وكيف نقول لعباد الله: إنه ُيكره لكم أن تستعملوا هذالماء. وليس عندنا دليلٌ من الشَّرع.
ولذلك يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام {النحل: 116} بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشدُّ من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله عزَّ وجلَّ يحبُّ التَّيسير لعباده".
وأجاب الشيخ ابن باز على سؤال حول الوضوء من الماء المجتمع في الإناء تحت الصنبور [kran]
س : أحيانا أتوضأ؛ ويكون تحت الصنبور إناء يجتمع فيه الماء ، فما حكم الوضوء من الماء الذي اجتمع في الإناء ، وهل إذا توضأت من هذا الماء تكون الصلاة صحيحة؟ .
ج : الوضوء من الماء المجتمع في إناء من أعضاء المتوضئ أو المغتسل يعتبر طاهرا .
واختلف العلماء في طهوريته ، هل هو طهور يجوز الوضوء والغسل به ، أم طاهر فقط ، كالماء المقيد مثل : ماء الرمان وماء العنب ، ونحوهما؟
والأرجح : أنه طهور؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الماء طهور لا ينجسه شيء أخرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن إلا ابن ماجة بإسناد صحيح .
ولا يستثنى من ذلك إلا ما تغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة ، فإذا تغير بذلك صار نجسا بالإجماع .
لكن ترك الوضوء من مثل هذا الماء المستعمل أولى وأحوط؛ خروجا من الخلاف ، ولما يقع فيه من بعض الأوساخ ، الحاصلة بالوضوء به أو الغسل .
والمراد بالوضوء : هو غسل أعضاء الوضوء من الوجه وما بعده .
والله ولي التوفيق .

[15] وتظهر فائدة الخلاف في صورتين :
الصورة الأولى : فيما استعمل في نفل الطهارة كتجديد الوضوء، والأغسال المسنونة، والغسلة الثانية والثالثة 
فعلى الصحيح يكون الماء طهورا لأنه لم يتأد به فرض 
وعلى الضعيف لا يكون طهورا لأنه تأدى به عبادة 
ولا خلاف أن ماء الرابعة طهور على العلتين لأنه لم يتأد به فرض ولا هي مشروعة 
والغسلة الأولى غير طهور على العلتين لتأدى الفرض والعبادة بمائها 

الصورة الثانية : الماء الذي اغتسلت به الكتابية عن الحيض لتحل لزوجها المسلم هل هو طهور ؟ 
ينبني على أنها لو أسلمت هل يلزمها إعادة الغسل فيه خلاف 
إن قلنا لا يلزمها فهو غير طهور 
وإن قلنا يلزمها إعادة الغسل وهو الصحيح : ففي الماء الذي استعملته حال الكفر وجهان يبنيان على العلتين 
إن قلنا إن العلة تأدى الفرض فالماء غير طهور 
وإن قلنا إن العلة تأدى العبادة فهو طهور لأن الكافرة ليست من أهل العبادة

واعلم أن الزوجة المجنونة إذا حاضت وغسلها زوجها حكمها حكم الكافرة فيما ذكرناه وهي مسألة حسنة ذكرها الرافعي في صفة الوضوء وأسقطها النووي من الروضة 

واعلم أن الماء الذي توضأ به الصبي غير طهور 
وكذا الماء الذي يتوضأ به المتنفل 
وكذا من لا يعتقد أن الماء الذي توضأ به الصبي غير طهور 
وكذا الماء الذي يتوضأ به المتنفل 
وكذا من لا يعتقد وجوب النية على الصحيح في الجميع 

ثم ما دام الماء مترددا على العضو لا يثبت له حكم الاستعمال، ولو جرى الماء من عضو المتوضيء إلى عضو آخر صار مستعملا حتى لو انتقل من إحدى اليدين إلى الأخرى صار مستعملا 

ولو انتقل الماء الذي يغلب فيه لانتقال من عضو إلى موضع آخر من ذلك العضو كالحاصل عند نقله من الكف إلى الساعد ورده إلى الكف ونحوه لا يضر انتقاله 

وإن خرقه الهواء وهي مسألة حسنة ذكرها الرافعي في آخر الباب الثاني من أبواب التيمم وأهملها النووي إلا أنه ذكر هنا من زيادة الروضة أنه لو انفصل الماء من بعض أعضاء الجنب إلى بعضها وجهين : الأصح عند الماوردي والروياني أنه لا يضر ولا يصير مستعملا والراجح عند الخراسانيين أنه يصير مستعملا 

وقال الإمام : إن نقله قصدا صار مستعملا وإلا فلا 
وصحح النووي في التحقيق أنه يصير مستعملا 
وصحح ابن الرفعة أنه لا يصير مستعملا 

ولو انغمس جنب في ماء دون قلتين وعم جميع بدنه ثم نوى ارتفعت جنابته بلا خلاف وصار الماء مستعملا بالنسبة إلى غيره ولا يصير مستعملا بالنسبة إليه صرح به الخوارزمي حتى إنه قال : لو أحدث حدثا ثانيا حال انغماسه جاز ارتفاعه به وإن نوى الجنب قبل تمام الانعماس ارتفعت جنابته عن الجزء الملاقى للماء بلا خلاف ولا يصير الماء مستعملا بل له أن يتم الانغماس وترتفع عنه الجنابة عن الباقي على الصحيح المنصوص والله أعلم

[16]
[17]
[18]
[19]
[20]

المراجع


مجموع فتاوى و مقالات ابن باز 10/10 من المكتبة الشاملة